عني.
قال: وقلت لجعفر بن محمد: لم منعت الساعي أن يحلف بالله؟
قال: كرهت أن يراه الله يوحده ويمجده فيحلم عنه ويؤخر عقوبته، فاستحلفته بما سمعت فأخذه أخذة رابية (1).
هذا وإن المنصور - من أوائل حكمه - كان قد بدأ بسياسة خاصة مع الصادق، فكان يكتب رسائل مزورة على لسان بعض شيعة أهل البيت ويرسلها بيد أعوانه، ويحاول أن ينال غرضه عندما يحصل على جوابها، لكن أحلامه باءت بالفشل ولم يظفر بشئ من ذلك، للخطة التي اتخذها الإمام ولنظرته الصائبة ورأيه السديد.
وإن المنصور - كما قال السيوطي - كان أول من أوقع الفتنة بين العباسيين والعلويين، وكانوا قبلها شيئا واحدا (2).
وقد زادت سياسة التنكيل والبطش بالعلويين بعد قمع ثورتي النفس الزكية في المدينة وإبراهيم في البصرة، فجمع المنصور بني هاشم في الربذة وأثقلهم بالحديد والضرب بالسياط حتى اختلطت بدمائهم ولحومهم، ثم حملهم إلى العراق على أخشن مركب وتوجه بهم إلى الكوفة، وأودعهم ذلك السجن المظلم الضيق الذي لا يعرف فيه الليل من النهار إلا بأجزاء كان يرتلها علي بن الحسن بن الحسن بن الحسن (3).
وسلط عليهم شرطة جفاة بعيدين عن الرقة كابتعاده عن الإنسانية فعذبوهم بأمره، كما أنه أمر أن تترك أجساد الموتى منهم في السجن، فاشتدت رائحة الجثث على الأحياء، فكان الواحد منهم يخر ميتا إلى جنب أخيه.