وقرابته منك.
قال: فعفا الله عنك ووصلك (1).
بهذه السياسة هيمن العباسيون على عواطف المسلمين واستمالوا الإمام مالكا وأناطوا به مسؤولية تدوين السنة والإفتاء وغيرهما.
أما الإمامان الصادق وأبا حنيفة فلم يثنهما المنصور عما رسماه لأنفسهما وهو مقاطعة السلطة، لكن الحكام تمكنوا - بمرور الأيام - من احتواء نهج الإمام أبي حنيفة بتقريبهم الإمام أبي يوسف ومحمد بن الحسن الشيباني والحسن بن زياد اللؤلؤي، وإناطة القضاء والإفتاء بهم. وكان ذلك بالطبع بعد وفاة أبي حنيفة.
لكنهم رغم كل المحاولات لم يمكنهم اختراق صفوف الشيعة لتولي عدول من أهل البيت شؤون قيادتهم، فكانوا ينفون عن فكرهم بدع المبدعين. وإن سياسة العصيان المدني الذي رسمه الأئمة وأرشدوا إليه شيعتهم في الخروج عن طاعة السلطان الفاجر وتأكيدهم على عدم جواز المرافعة إلى الحكام والركون إليهم، وقولهم: (الفقهاء أمناء الرسل، فإذا رأيتم الفقهاء قد ركبوا إلى السلاطين فاتهموهم)، ودعوتهم للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر رغم الرقابة المشددة عليهم، كلها سبل هادفة لتوعية الأمة واطلاعها على الحقيقة، إذ أن عدم التعاون يعني رفض الحكام ويعني سلب أهلية الحاكم لتولي الحكم، وأنهم ولاة جور وأن قول الصادق:
(أيما مؤمن قدم مؤمنا في خصومة إلى قاض أو سلطان جائر، فقضى عليه بغير حكم الله، فقد شركه الإثم).
وقوله: (ما أحب أن أعقد لهم - أي الظلمة - عقدة أو وكيت لهم وكاء، ولا مدة بقلم. إن الظلمة وأعوان الظلمة يوم القيامة في سرادق من نار حتى يحكم الله بين العباد).
وقوله: (أيما رجل كان بينه وبين أخ له مماراة في حق فدعاه إلى رجل من