إنما قال ذلك رسول الله في رجل من اليهود، ومر بأهله وهم يبكون عليه، فقال (ص): إنهم ليبكون عليه، وأن الله عز وجل معذبه في قبره (1).
وقد ظنوا بأن العذاب معلول البكاء عليه، وأن هذا البكاء يؤذي الميت، في حين نعلم أن الرسول قد بكى على الميت، وأمر أصحابه في البكاء على عمه حمزة.. وعليه، فإن الأخذ بهذه الأخبار على ظاهرها يوجب الوهم كما أوجب لعمر وابنه!!
7 - ومنها: ما أخرجه أحمد في مسنده، عن ابن عمر، أنه قال: قال رسول الله: الشهر تسع وعشرون، وصفق بيديه مرتين، ثم صفق الثالثة، وقبض إبهامه.
فقالت عائشة: غفر الله لأبي عبد الرحمن! ما هكذا قال رسول الله، ولكن قال: إن الشهر قد يكون تسعا وعشرين (2).
وبهذا، نكون قد وقفنا على مجمل اجتهادات ابن عمر، وعرفنا أنه كان يتسرع في الافتاء، ويعمل - في بعض الأحيان - بوهمه - كما قالت عائشة - ويعتبر ذلك اجتهادا منه فتراه ينسب إلى رسول الله أنه قال الشهر تسع وعشرون. وإذا كانت ليلة تسع وعشرين، وكان في السماء سحاب أو قتر، أصبح ابن عمر صائما (3)، أو نراه يقول عن موت الفجأة، والبكاء على الميت، وغيرهما ما قرأت! في حين نرى عائشة تصحح آراءه وتوقفه على وهمه، ولها نصوص أخرى معه، أعرضنا عن ذكرها مخافة الإطالة.
نعم قد ضعف بعض الأعلام بعض تلك الأحاديث، لكن تضعيف جميع تلك الأحاديث ليس باليسير.
وبعد هذا لا ندري هل هناك اليوم من يقف عند أحاديث ابن عمر ويصحح