الذين عايشوا الرسول لزمن طويل؟
وكيف نرى كل ذلك لرجل لم يصاحب النبي إلا عاما وبضعة أشهر على قول (1) وثلاث سنين على قول آخر (2)، وأربع سنوات على أبعد الأقوال (3)؟!
قال الإمام السيد شرف الدين في معرض حديثه عن كمية حديث أبي هريرة:
أجمع أهل الحديث على أنه أكثر الصحابة حديثا، وقد ضبط الجهابذة من الحفظة الاثبات حديثه فكان خمسة آلاف وثلاثمائة وأربعة وسبعين مسندا، وله في البخاري فقط أربعمائة وستة وأربعون حديثا.
وقد نظرنا في مجموع ما روي من الحديث عن الخلفاء الأربعة فوجدناه بالنسبة إلى حديث أبي هريرة وحده أقل من السبعة والعشرين في المائة، لأن جميع ما روي عن أبي بكر إنما هو مائة واثنان وأربعون حديثا، وكل ما أسند إلى عمر إنما هو خمسمائة وسبعة وثلاثون حديثا، وكل ما لعثمان مائة وستة وأربعون حديثا، وكل ما رووه عن علي خمسمائة وستة وثمانون مسندا، فهذه ألف وأربعمائة وأحد عشر حديثا، فإذا نسبتها إلى حديث أبي هريرة وحده - وقد عرفت أنه 5374 - تجد الأمر كما قلناه.
فلينظر ناظر بعقله في أبي هريرة، وتأخره في إسلامه، وخموله في حسبه وأميته، وما إلى ذلك مما يوجب إقلاله، ثم لينظر إلى الخلفاء الأربعة وسبقهم واختصاصهم وحضورهم تشريع الأحكام، وحسن بلائهم في اثنتين وخمسين سنة، ثلاث