وثانيها: روى أبو قلابة عن أنس أن رسول الله وأبا بكر وعمر كانوا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم.
وثالثها: إنه سئل عن الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم والأسرار به، فقال:
لا أدري المسألة.
فثبت أن الرواية عن أنس في هذه المسألة قد عظم فيها الخبط والاضطراب، فبقيت متعارضة، فوجب الرجوع إلى سائر الدلائل، وأيضا ففيها تهمة أخرى وهي أن عليا عليه السلام كان يبالغ في الجهر بالتسمية، فلما وصلت الدولة إلى بني أمية بالغوا في المنع من الجهر، سعيا في إبطال آثار علي عليه السلام، فلعل أنسا خاف منهم، فلهذا السبب اضطربت أقواله فيه، ونحن وإن شككنا في شئ فإنا لا نشك أنه مهما وقع التعارض بين قول أنس وابن المغفل وبين قول علي بن أبي طالب عليه السلام الذي بقي عليه طول عمره، فإن الأخذ بقول علي أولى، فهذا جواب قاطع في المسألة) (1) وبهذا اتضح لك ما قلناه أن الأمويين كانوا ينسبون إلى مخالفيهم ما يرتؤون من أفكار، وقد وقفت سابقا على ما نسب إلى علي وأنه علم ابن عباس (حبر الأمة) وضوء عثمان! أو تقرير طلحة والزبير وسعد وعلي لوضوء عثمان! وأنه وضوء رسول الله، مع كونهم من مخالفيه المطردين!
أو ما نسب إلى الحسين بن علي من الوضوء الثلاثي الغسلي والدعاء في غسل الرجلين (2)!
وهكذا الأمر بالنسبة إلى سائر أبواب الفقه، فنراهم ينسبون أشياء لا ترتبط بفقه هؤلاء، فمثلا ينسبون روايات السكوت عن ظلم الحاكم، أو بول رسول الله قائما إلى حذيفة بن اليمان وغيره، فما يعني ذلك؟! الأجل معرفة حذيفة أسماء المنافقين، وأن صدور هذه الروايات عنه هي بمثابة المبالغة في السكوت عن ظلم الحكام؟! وعلى فرض صحة صدور مثل هذه الأخبار عنه.. فهي مختصة به، وهي