فقال: هكذا رأيت رسول الله (ص) يتوضأ (1).
ولنا على هذا النص عدة مؤاخذات:
الأولى: وجود خلط في سند الحديث، إذ فيه حدثنا جعفر بن حميد بن عبد الكريم بن فروخ بن ديرج بن بلال بن سعد الأنصاري الدمشقي، حدثني جدي لأمي عمر بن أبان بن مفضل.
1 - وهذا يدل على أن الحديث الذي رواه الطبراني عن أنس يمر بطبقتين، في حين نعلم أنه لا يمكنه رواية حديث مثل هذا إلا عبر ثلاث طبقات أو أربع (2).
2 - لم يرو عن بلال بن سعد الدمشقي أحد بتلك الأسماء، ولم يرو هو عن جده لأمه، ولم يعرف أحد بهذا الاسم في كتب الرجال (3).
3 - يحتمل أن يكون راوي هذا الخبر من أتباع السلطة ومن الذين يريدون نسبة ما يرتؤونه إلى الفقهاء المتعاملين، قال أبو زرعة الدمشقي: بلال بن سعد أحد العلماء في خلافة هشام، وكان قاصا حسن القصص، وعليه فالاطمئنان لمثل هذه الأخبار لا يميل إليه القلب.
الثانية: إن راوي الخبر السابق ليس من الرواة المعروفين برواية الحديث ولا من المهتمين به، ويكفي قول الطبراني عنه (لم يرو عمرو بن أبان عن أنس حديثا غير هذا).
الثالثة: لو سلمنا جدلا صحة الرواية، فنرجح صدورها في زمن الحجاج بن يوسف الثقفي وعهد عبد الملك بن مروان لمعرفتنا باتجاهه ومواقفه في الوضوء.
وإن تنكيله بالصحابة ومعارضته إياهم إنما هو لتحديثهم عن رسول الله وثباتهم على السنة الشريفة.