التعليم، فلا يعقل أن يصدر منه المسح وإرادة المعنى التجديدي والذي قال به البعض، أو يراد منه شئ آخر.
وتتضح الحقيقة بأدق ملامحها إذا ما قسنا هذا الكلام من الإمام مع ما صدر عنه في مواقع أخرى وتأكيده على لفظ الاحداث والمحدث.
فإنه - وكما قلنا سابقا - كان يواجه القائلين ب: (رأي رأيته) في الأحكام - وعثمان من أولئك القائلين - بكل قوة، وصلابة حيث لا حجية للرأي قبال النص الصريح في القرآن، كما أن الصحابة لا يمتازون عن الناس بشئ من حيث العبودية، فلهم ما لهم، وعليهم ما عليهم، والكل سواسية فيما وضع على عواتقهم من تكاليف شرعية، ولا مبرر لترجيح رأي على آخر، إلا إذا كان أحدهما مدعوما أو مسندا بالقرآن أو السنة.
وما كان رسول الله (ص) يرى أن له الحق في التشريع على ضوء ما يراه هو، بل: وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى (1).. وقد ثبت عنه (ص) أنه كان لا يقول برأي أو قياس، إلا:... بما أراك الله (2).
نعم، كان الإمام علي يواجه تلك الاجتهادات، ويسعى لتخطئة أصحاب الرأي بالإشارة والتمثيل.. ومن تلك الأخبار:
ما أخرجه المتقي الهندي، عن جامع عبد الرزاق، وسنن ابن أبي شيبة، وسنن أبي داود.. كلهم عن علي، أن قال: لو كان الدين بالرأي، لكان باطن القدم أحق بالمسح من ظاهرها، لكن رأيت رسول الله مسح ظاهرها (3).
وفي تأويل مختلف الحديث: ما كنت أرى أن أعلى القدمين أحق بالمسح من باطنهما حتى رأيت رسول الله يمسح على أعلى قدميه (4).