الخليفة، وقفت له بالمرصاد وعارضت اجتهاداته، وبمناسبات عدة، لكن الخليفة ظل غير عابئ بتلك المعارضة، وواصل مسيره في تطبيق ما يراه من آراء، غير مكترث بما قيل ويقال ضده، وما قضية الوضوء إلا إحدى تلك الموارد، فإنه - وكما مر سابقا - كان يجلس بالمقاعد وباب الدرب، وبحضور الصحابة، فيشهدهم على وضوئه الغسلي، ثم يحمد الله لموافقتهم إياه، وقد عرفت بأنه كان يتوضأ ويمسح على رجليه شطرا من خلافته! ويضحك عند نقله ذلك الوضوء!!!
هذا وإن كل تلك الجهود التي بذلها عثمان لترسيخ إحداثاته ذهبت هباء، بعد أن غلبت كفة المعارضة عليه، وأودت بحياته في آخر المطاف.
علما أن إحداث الخليفة عثمان في الوضوء لم يكن كتشريع عمر في صلاة التراويح، وأنها لا تحرج الإمام عليا كما أحرجته في مواجهته لاجتهادات عمر، فإنه (ع) قد جد لأن يمحو تلك البدعة الحسنة (صلاة التراويح) التي سنت من قبل عمر، لكن الجند صاحوا: وا سنة عمراه، وا سنة عمراه، وقد جاء في كلام له يشير إلى ذلك، فقال:
قد عملت الولاة قبلي أعمالا خالفوا فيها رسول الله، متعمدين لخلافه، ناقضين لعهده، مغيرين لسنته، ولو حملت الناس على تركها، وحولتها إلى مواضعها وإلى ما كانت في عهد رسول الله (ص) لتفرق عني جندي حتى أبقى وحدي، أو قليل من شيعتي الذين عرفوا فضلي وفرض إمامتي من كتاب الله عز وجل وسنة رسول الله.
أما قضية عثمان، فإنها ليست كذلك، بل تختلف عن عهد الشيخين اختلافا جوهريا، إذ ترى المنتفعين والمدافعين عنه قد انحصروا ببعض الأمويين وأصحاب المصالح، أما الغالبية الساحقة فهي ضده.
إذن، المخالفة مع التشريع العثماني لم تكن كالمخالفة مع ما سن في عهد عمر، إذ ترى الناس يحمون الخليفة عمر ويدافعون عن آرائه، أما هنا فالمعارضون هم كبار الصحابة وهم الذين كانوا يتحدثون عن رسول الله (ص)، ولا يعقل أن