وعلى فرض الصحة، فعلي بن أبي طالب إنما أرسل ابنيه لايصال الماء والغذاء إليه، وهذا خلق إسلامي لا يستبعد صدوره من الإمام.
علما بأن المستحق للقتل أو الخلع، لا يحل منع الطعام والشراب عنه، وأن أمير المؤمنين لم يمنع أهل الشام من الماء في صفين مع تمكنه من منعهم (1).
وعليه.. فقد تأكد أن الإمام كان من المجيزين لقتل عثمان وإن لم يكن من الداعين إلى ذلك، ويمكن أن تضاف أقواله هذه إلى ما سردناه من نصوص ومواقف للصحابة من قبل.
والآن ندع هذه المقدمة لنواصل الدراسة، راجين أن لا نكون بدرجنا لما سبق قد أغضنا أحدا، بل إنها كانت رؤية ألزمنا الطبري وابن الأثير وغيرهم من المؤرخين بطرحها، ونحتمل أن تكون هي إحدى تلك الأسباب التي تخوفوا من نقلها رعاية لحال العامة!!
لكنا وكما قلنا سابقا نعتقد أن مناقشة النصوص والوقوف على الحقيقة، ضرورة علمية ينبغي متابعتها في جميع الأخبار التاريخية، وأن طرح رأي أو ترجيح آخر في مثل تلك الدراسات لا يعاب من الباحث، إذ الأدلة هي التي تلزمه الطرح أو الترجيح.
أما تصور ذلك عند المؤرخين - كما رأيناه عند الطبري وابن الأثير وذكرهم لخبر العاذرين لمعاوية في نفيه لأبي ذر مع وجود أخبار أخرى، أو استبعاد ابن الأثير صدورها مع تواتر النقل فيها، فنراه هو القبح بعينه، لأنهم مؤرخون، والمؤرخ من شأنه أن لا ينحاز في نقله للأحداث إلى جهة دون أخرى، هذا وإن رسالة من بالمدينة من أصحاب محمد إلى من بالآفاق، ورسالة المهاجرين إلى من بمصر من الصحابة، وكلمات الصحابة ومواقفهم من إحداثات عثمان، والتقرب بدمه إلى الله، وغيرها... إنما يعضد بعضها البعض ويرجح ما توصلنا إليه من أن