وحاصله: أن مناط الإباحة ومدارها في المعاطاة ليس على وجود تعاط قائم بشخصين، أو بشخص منزل منزلة شخصين، بل على تحقق الرضا من كل منهما بتصرف صاحبه في ماله، حتى لو فرضنا أنه حصل مال كل منهما عند صاحبه باتفاق - كإطارة الريح ونحوها - فتراضيا على التصرف بأخبار صبي أو بغيره من الأمارات - كالكتابة ونحوها - كان هذه معاطاة أيضا "، ولذا يكون وصول الهدية إلى المهدى إليه على يد الطفل - الكاشف إيصاله عن رضى المهدي بالتصرف بل التملك - كافيا " في إباحة الهدية، بل في تملكها.
وفيه: إن ذلك حسن، إلا أنه موقوف أولا " على ثبوت حكم المعاطاة من دون إنشاء إباحة وتمليك، والاكتفاء فيها بمجرد الرضا.
ودعوى: حصول الإنشاء بدفع الولي المال إلى الصبي، مدفوعة: بأنه إنشاء إباحة لشخص غير معلوم، ومثله غير معلوم الدخول في حكم المعاطاة، مع العلم بخروجه عن موضوعها.
وبه يفرق بين ما نحن فيه ومسألة إيصال الهدية بيد الطفل، فإنه يمكن فيه دعوى كون دفعها إليه للايصال إباحة أو تمليكا " - كما ذكر أن إذن الولي للصبي في الإعارة إذن في انتفاع المستعير - وأما دخول الحمام وشرب الماء ووضع الأجرة والقيمة، فلو حكم بصحتهما - بناء على ما ذكرنا من حصول المعاطاة بمجرد المراضاة الخالية عن الإنشاء - انحصرت صحة وساطة الصبي فيما يكتفى فيه مجرد وصول العوضين، دون ما لا يكتفى فيه.
والحاصل: أن دفع الصبي وقبضه بحكم العدم، فكل ما يكتفى فيه بوصول كل من العوضين إلى صاحب الآخر بأي وجه اتفق فلا يضر مباشرة الصبي لمقدمات الوصول. ثم، إن ما ذكر مختص بما إذا علم إذن شخص بالغ عاقل للصبي وليا " كان أم غيره.