____________________
الثامن من الأدلة: رواية تحف العقول الماضية عن الصادق (عليه السلام)، حيث قال: " وأما وجوه الحرام من البيع والشراء فكل أمر يكون فيه الفساد مما هو منهي عنه من جهة أكله وشربه أو كسبه أو نكاحه أو ملكه أو إمساكه أو هبته أو عاريته أو شيء يكون فيه وجه من وجوه الفساد نظير البيع بالربا لما في ذلك من الفساد. أو البيع للميتة أو الدم أو لحم الخنزير أو لحوم السباع من صنوف سباع الوحش أو الطير أو جلودها أو الخمر أو شيء من وجوه النجس فهذا كله حرام ومحرم، لأن ذلك كله منهي عن أكله وشربه ولبسه وملكه و إمساكه والتقلب فيه بوجه من الوجوه لما فيه من الفساد، فجميع تقلبه في ذلك حرام. " (1) أقول: لا يخفى أن الرواية مع إرسالها وتفرد تحف العقول بنقلها وخلو جوامع الحديث عنها بالكلية، مضطربة المتن مشتملة على التطويل والتكرار والتهافت في بعض الفقرات بحيث يطمئن الناقد البصير بعدم كون الألفاظ والتعبيرات بعينها للإمام (عليه السلام) وأن الراوي لم يكن يحسن الضبط، ومثل هذه لا تصلح لأن تكون دليلا للحكم الشرعي، ولم يثبت أيضا اعتماد المشهور عليها حتى يجبر بذلك ضعفها بل الظاهر عدم ذلك لعدم وجود إيماء إلى ذلك في مؤلفاتهم. وقد مر شرح الرواية بالتفصيل عند نقلها بتمامها، فراجع. (2) هذا مضافا إلى التعليل في المقام بقوله: " لما فيه من الفساد ". والظاهر منه الفساد الظاهر للعقلاء والمتشرعة، إذ التعليل لا يحسن إلا بأمر ظاهر واضح. وعلى هذا فينصرف النهي فيها إلى النجاسات التي كانت تعامل عليها لأجل الانتفاعات المحرمة الفاسدة على ما كان متعارفا في تلك الأعصار. ولا يشمل بيعها للانتفاعات المحللة العقلائية النافعة