دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، ولا دليل على أنه يجب على هؤلاء الحد، وأيضا فإنهم غير مفرطين في إقامة الشهادة، فإن أحدا لا يقف على بواطن الناس، فكان عذرا في إقامتها، فلهذا لا حد.
ويفارق إذا كان الرد بأمر ظاهر لأن التفريط كان منهم، فلهذا حدوا، والدليل على أن مع الرد بأمر ظاهر يجب الحد قوله تعالى: والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة، وهذا ما أتى بأربعة شهداء لأن من كان ظاهره ما يوجب الرد لا يكون شاهدا.
مسألة 34: إذا شهد أربعة ثم رجع واحد منهم فلا حد على المشهود عليه بلا خلاف، وعلى الراجع الحد أيضا بلا خلاف، وأما الثلاثة فلا حد عليهم، وللشافعي فيه قولان: المنصوص عليه مثل ما قلناه، وقال بعض أصحابه: هذه أيضا على قولين، وقال أبو حنيفة: عليهم الحد.
دليلنا: قوله تعالى: والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء، وهذا أتى بأربعة شهداء، ورجوع واحد منهم لا يؤثر فيما ثبت وأيضا الأصل براءة الذمة، فمن أوجب عليهم الحد فعليه الدلالة.
مسألة 35: إذا شهد أربعة فرجم المشهود عليه ثم رجع واحد أو الأربعة وقال الراجع: عمدت قتله، كان عليه الحد والقود، وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة: لا قود عليه.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم.
وأيضا روي عن علي عليه السلام أنه شهد عنده شاهدان على رجل أنه سرق فقطعه فأتياه بآخر، وقالا: هذا الذي سرق وأخطأنا على الأول، فقال علي عليه السلام: لو علمت أنكما تعمدتما لقطعتكما، ولم ينكر عليه أحد ذلك ثبت أنه إجماع.