دليلنا: كل ظاهر ورد بأنه إذا شهد أربعة شهود وجب الحد يتناول هذا الموضع، فإنه لم يفصل وأيضا قوله تعالى: والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة، ولم يفصل، وأيضا فإذا شهد واحد أولا لم يخل من أحد أمرين: إما أن يكون شاهدا أو قاذفا فبطل أن يكون قاذفا لأنه لو كان قاذفا لم يصر شاهدا بإضافة شهادة غيره إليه، فإذا ثبت أنه ليس بقاذف ثبت أن يكون شاهدا، وإذا كان شاهدا لم يكن قاذفا بتأخر شهادة غيره من مجلس إلى مجلس آخر.
مسألة 32: إذا حضر أربعة ليشهدوا بالزنى فشد واحد أو ثلاثة ولم يشهد الرابع لم يثبت على المشهود عليه بالزنى لأن الشهادة ما تكاملت بلا خلاف، ومن لم يشهد لا شئ عليه أيضا بلا خلاف، ومن شهد فعليه حد القذف، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، والشافعي في أحد قوليه في القديم والجديد، وقال في الشهادات: لا يجب الحد، وهي المشهورة بالقولين، والأول أظهر في الآية، والثاني أقيس.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، وأيضا ففيه إجماع الصحابة، روي ذلك عن علي عليه السلام وعمر ولا مخالف لهما.
أما علي عليه السلام فروي أن أربعة أتوه ليشهدوا على رجل بالزنى فصرح ثلاثة وقال الرابع: رأيتهما تحت ثوب، فإن كان ذلك زنا فهو ذلك.
وأما عمر فالقصة مشهورة وهو أنه استخلف المغيرة بن شعبة على البصرة وكان نازلا في أسفل الدار ونافع وأبو بكرة وشبل بن معبد وزياد في علوها فهبت ريح ففتحت باب البيت ورفعت الستر فرأوا المغيرة بين رجلي امرأة فلما أصبحوا تقدم المغيرة ليصلي فقال له أبو بكرة: تنح عن مصلانا، فبلغ ذلك عمر فكتب أن يرفعوا إليه، وكتب إلى المغيرة قد يحدث عنك بما إن كان صدقا فلو كنت مت من قبله لكان خيرا لك، فأشخصوا إلى المدينة فشهد نافع وأبو بكرة وشبل بن