متتابعين بلا خلاف، فإن أفطر في خلال ذلك لغير عذر في الشهر الأول أو قبل أن يصوم من الثاني شيئا وجب استئنافه بلا خلاف، وإن كان إفطاره بعد أن صام من الثاني شيئا ولو يوما واحدا جاز له البناء عليه، ولا يلزمه الاستئناف، وخالف جميع الفقهاء في ذلك، وقالوا: يجب عليه الاستئناف.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، وقد ذكرناها في الكتاب الكبير، ويمكن أن يقال: قوله تعالى: فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، يتناول ذلك لأنه تابع بين الشهرين الأول والثاني وإن صام منه شيئا، وليس في الآية أنه يجب عليه أن يتابع بين أيام الشهر كله، والمعتمد الأول.
مسألة 48: إذا أفطر في خلال الشهرين لمرض يوجب ذلك لم ينقطع التتابع، وجاز له البناء، وهو قول الشافعي في القديم واختاره المزني، وقال في الجديد: ينقطع ويجب الاستئناف.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم ولأن إيجاب الاستئناف إنما وجب على من يفطر لضرب من العقوبة لتهاونه بما يجب عليه، وهذا أمر غلب عليه من فعل الله لا صنع له فيه فجرى مجرى الحيض، ولأنا إذا أوجبنا عليه الاستئناف لم يأمن إذا استأنف أن يمرض ثانيا، وكذلك كل مرة فيؤدى إلى أن لا ينفك من الصوم وأن يصوم لا إلى نهاية فعفي عن ذلك لما قلناه.
مسألة 49: إذا سافر في الشهر الأول فأفطر قطع التتابع ووجب عليه الاستئناف، وعند الشافعي أن ذلك مبني على قولين في المرض، فإن قال: إن المرض يقطع التتابع، فهذا أولى، وإذا قال: لا يقطع التتابع، ففي هذا قولان:
أحدهما مثل ما قلناه، والثاني لا ينقطع.
دليلنا: قوله تعالى: فصيام شهرين متتابعين، وهذا ما تابع، وأيضا فالسفر باختياره فلا يجوز له الإفطار كالحضر.