قولان: أحدهما مثل ما قلناه، والثاني أنه يجزئ.
دليلنا: أن الكفارة متيقن وجوبها وحياة العبد مشكوك فيها فلم يسقط المتيقن بالشك.
مسألة 35: إذا اشترى من يعتق عليه من آبائه وأمهاته وأولاده وأولاد أولاده، فإن لم ينو عتقهم من الكفارة عتقوا بحكم القرابة، وإذا نوى أن يقع عتقهم عن الكفارة لم يجزئه ذلك عنها وينعتقون بحكم القرابة وبقيت الكفارة عليه، وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة: يقع عتقهم عن الكفارة.
دليلنا: أن عندنا أن العتق لا يصح قبل الملك ولا تصح النية قبل الملك وإنما تؤثر النية في الملك، وهذا لا يصح هاهنا لأنه إذا ملك انعتق حال الملك ولا يستقر، فلا يمكن أن يتعقب الملك النية، وأيضا قوله تعالى: فتحرير رقبة، والتحرير يحصل بفعل المحرر وإعتاقه لأنه مثل التفعيل، وهذا العبد إذا ملكه تحرر عليه لا بفعله ولا يطلق على ذلك اسم التحرير فلم يجزئه عن التحرير المأمور به.
مسألة 36: إذا وجب عليه عتق رقبة فأعتق عنه رجل آخر عبدا باذنه، وقع العتق عن المعتق عنه ولا يكون ولاؤه له بل يكون سائبة، وبه قال الشافعي إلا أنه قال: ولاؤه له وسواء أعتق عنه تطوعا أو عن واجب بجعل وغير جعل، فإن أعتق بجعل فهو كالبيع، وإن أعتق بغير جعل فهو كالهبة، وقال أبو حنيفة:
إن أعتق بجعل جاز، وإن أعتق بغير جعل لم يجز، وقال مالك: لا يجوز ذلك بحال.
دليلنا: أنه إذا أعتق عنه باذنه فالمعتق يقع عنه لأنه كذلك قصد ونوى، والنبي صلى الله عليه وآله قال: الأعمال بالنيات، والنية وقعت عن الغير فوجب أن يقع العتق عنه.