والثالث: إن كان الطلاق ثلاثا لم يعد، وإن كان دونها عادت الصفة، وبه قال أبو حنيفة، وهذا لا يصح على أصلنا لأن عندنا أن الطلاق بشرط أو بالصفة لا يقع، فهذا الفرع ساقط عنا، ونحن ندل على ذلك فيما بعد إن شاء الله.
مسألة 13: لا ينعقد الطلاق قبل النكاح ولا يتعلق به حكم سواء عقده في عموم النساء أو خصوصهن أو أعيانهن، وسواء كانت الصفة مطلقة أو مضافة إلى ملك، فالعموم أن يقول: كل امرأة أتزوجها فهي طالق، والخصوص: كل امرأة أتزوج بها من القبيلة الفلانية فهي طالق، والأعيان: أن أتزوج بفلانة فهي طالق، والصفة المطلقة أن يقول لأجنبية: إن دخلت الدار فأنت طالق، والصفة المقيدة إذا قال لأجنبية: إن دخلت الدار وأنت زوجتي فأنت طالق، وهكذا الحكم في العتق على هذا الترتيب حرفا بحرف، وبه قال في الصحابة علي عليه السلام وابن عباس وعائشة، وفي الفقهاء الشافعي وأحمد وإسحاق.
ذهبت طائفة إلى أنه ينعقد قبل النكاح في عموم النساء وخصوصهن وفي أعيانهن، ذهب إليه الشعبي والنخعي وأبو حنيفة وأصحابه، وأما الصفة فقال أبو حنيفة: لا تنعقد الصفة المطلقة وهي إذا قال لأجنبية: إذا دخلت الدار فأنت طالق، ثم تزوجها فدخلت قال: لا تطلق، فإن أضافها إلى ملك العقد وهو قوله لأجنبية: إن دخلت الدار وأنت زوجتي فأنت طالق، انعقد وهكذا مذهبه في العتق على تفصيل الطلاق، فكل منا أجرى الإعتاق مجرى الطلاق.
وقال قوم: إن عقده في عموم النساء لم ينعقد، وإن عقده في خصوصهن وأعيانهن انعقد، ذهب إليه ربيعة ومالك والأوزاعي قالوا: لأنه إذا عقده في عموم النساء لم يكن له سبيل إلى النكاح فيبقي مبتلى ولا زوج له فلم ينعقد، وليس كذلك الخصوص والأعيان لأن له سبيلا إلى غيرهن.
دليلنا: إجماع الفرقة على أن الطلاق بشرط لا يقع، وأن الطلاق قبل النكاح لا يقع، وهذا موضع قد جمع الأمرين فوجب بطلانه.