وروى عبد الله بن سهل أن امرأة اختلعت نفسها من زوجها بألف درهم فرفع ذلك إلى عمر فأجازه، وروي مثل ذلك في أيام عثمان، ولم ينكر أحد من الصحابة ولا خالف فيه.
مسألة 5: البذل في الخلع غير مقدر، إن شاءا اختلعا بقدر المهر أو بأكثر أو بأقل، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه ومالك والشافعي والأوزاعي والثوري، وذهب الزهري إلى أنه جائز بقدر المهر الذي تزوجها عليه ولا يجوز بأكثر منه، وبه قال أحمد وإسحاق.
دليلنا: إجماع الفرقة، وأيضا قوله تعالى: فلا جناح عليهما فيما افتدت به، وذلك عام.
مسألة 6: الخلع إذا وقع صحيحا سقطت الرجعة، ولا يملك الزوج الرجعة والبذل أبدا سواء كان الخلع بلفظ الفسخ أو بلفظ الطلاق، وبه قال في التابعين الحسن البصري والنخعي، وفي الفقهاء أبو حنيفة وأصحابه ومالك والأوزاعي والشافعي والثوري.
وقال سعيد بن المسيب والزهري: الزوج بالخيار بين أن يملك العوض ولا رجعة وبين أن يرد العوض وله الرجعة ما دامت في العدة، فأما بعد انقضائها فلا يمكن أن يثبت له رجعة.
وقال أبو ثور: إن كان بلفظ الخلع فلا رجعة وإن كان بلفظ الطلاق ملك العوض وله الرجعة، وقال أبو حامد: هذا التفصيل ما يعرفه أصحابه وإنما نقلته من كتابه، وأبو ثور خالف الإجماع في هذا فإنه انعقد الإجماع قبله على خلاف قوله.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، وأيضا قوله تعالى: فلا جناح عليهما فيما افتدت به، وحقيقة الافتداء الاستنقاذ والاستخلاص كافتداء الأسير بالبذل، فلو أثبتنا الرجعة لم نحمل الافتداء على حقيقته.