وأما إذا كانت حاملا فلا يخلو: حال الحمل من أربعة أحوال:
أحدها: أن تأتي به على صفة يمكن أن يكون من الأول دون الثاني، بأن تأتي به لدون أكثر زمان الحمل - على الخلاف فيه - من وقت طلاق الأول، ولدون ستة أشهر من وقت وطء الثاني، فيلحق بالأول، لأنه يمكن أن يكون منه، وينتفي عن الثاني بغير لعان، لأنه لا يمكن أن يكون منه فإذا لحق بالأول اعتدت عنه بوضعه، فما دامت حاملا فهي معتدة عنه يلزمه نفقتها وسكناها، ويثبت له عليها الرجعة، إن كان الطلاق رجعيا فإذا وضعت انقضت عدتها عن الأول ثم تستأنف للثاني ثلاثة أقراء.
الثاني: وأما إذا لم يمكن أن يكون من أحدهما بأن تأتي به لأكثر من أقصى مدة الحمل من وقت طلاق الأول ولدون ستة أشهر من وقت وطء الثاني، فينتفي عن الثاني بغير لعان، لأنه لا يمكن أن يكون منه، والأول لا يخلو إما أن يكون طلقها طلاقا رجعيا أو بائنا، فإن طلقها طلاقا بائنا فالولد ينتفي عنه بغير لعان، ولا يعتد به من واحد منهما، فإذا وضعت أكملت عدة الأول واستأنفت عدة الثاني، وإن كان الطلاق رجعيا فمن قال: النسب لا يلحقه في الطلاق الرجعي، فحكمه حكم البائن على ما ذكرناه، ومن قال: يلحق النسب - وهو الذي اخترناه - فإن الولد يلحق بالأول، ويلزمه نفقتها وسكناها، وتعتد عنه بوضعه، فإذا انقضت عدتها عن الأول استأنفت عن الثاني ثلاثة أقراء.
الثالث: وأما إذا أمكن أن يكون من الثاني دون الأول بأن تأتي به لأكثر من أقصى مدة الحمل، من وقت طلاق الأول ولستة أشهر فصاعدا من وقت وطء الثاني، فإن كان طلاق الأول بائنا انتفى عنه بغير لعان، ويلحق بالثاني وتعتد عنه، فإذا وضعت أكملت عدة الأول، وإن كان الطلاق رجعيا فمن قال: إن النسب لا يلحق به، فحكمه حكم البائن إلا في شئ واحد، وهو أن الرجعة ثابتة للزوج الأول عليها، فإن صبر حتى تضع الولد وراجعها صحت الرجعة لأنها في عدة خالصة عنه، وإن أراد أن يراجعها قبل أن تضع حملها قيل فيه وجهان:
أحدهما: ليس له، لأنها في عدة من غيره ومحرمة عليه، فصار كما لو ارتدت