وإن لم يعرف عدالتهما لم يحكم بشهادتهما، ويسأل عنهما، فإن طالب المدعي الحاكم أن يحبس المدعى عليه حتى يثبت عنده عدالة الشهود حبسه، لأن الأصل في الشهود العدالة، والفسق طارئ، لأن المدعي أتى بما عليه من البينة ويتعين على الحاكم البحث عن عدالة الشهود، وذلك ليس إلى الخصم ولا عليه.
وأما إذا أقام عليه شاهدا واحدا وسأل الحاكم أن يحبس الخصم حتى يأتي بآخر، قال قوم: يحبس لأن جنبته قويت بإقامة شاهد واحد، والثاني لا يحبس، وهو الأقوى عندنا، لأن الشاهد الواحد ليس بحجة في القذف، لأنه لو أراد المدعي أن يحلف معه لم يكن له.
فأما إن ادعى عليه مالا وأقام شاهدين وعرف عدالتهما ظاهرا أو باطنا حكم له بما ادعاه، وإن لم يعرف باطنهما بحث، فإن طلب المدعي حبسه، قال قوم:
يحبسه، وهو الأقوى، وقال بعضهم: لا يحبس، لأن المال يتعلق بالمال، فإن هرب أمكن استيفاؤه من ماله، وحد القذف يتعلق بالبدن، إن هرب لم يمكن استيفاؤه، فلهذا افترقا، وهذا ليس بصحيح، لأنه ربما هرب وأخذ ماله معه.
وإن أقام شاهدا واحدا قال بعضهم: لا يحبس، وقال بعضهم: يحبس، وهو الأقوى عندنا، لأنه حجة في المال، لأنه لو أراد أن يحلف معه لكان له.
ضمان الدين الثابت في الذمة جائز لما فيه من التوثق للحق والكفالة ببدن من عليه حق، فلا يخلو أن يكون الحق من حقوق الله، أو مال لآدمي، أو حد لآدمي، فإن كان حدا لله كحد الزنى والشرب والقطع في السرقة فلا تصح الكفالة ببدن من عليه بلا خلاف، لأن المغلب عليها الإسقاط والتكفل يراد للاستيثاق، فلم يكن له مدخل فيما هو موضوع على الإسقاط.
وأما الكفالة ببدن من عليه مال لآدمي فعندنا جائزة، وقال بعضهم: لا يجوز، وأما الكفالة ببدن من عليه حد قذف أو قصاص فعندنا لا يجوز، وقال بعضهم:
يجوز.
إذا قال لامرأته: زنيت أو يا زانية أو زنا فرجك، فهذه كلها صريحة في القذف