إذا قال: وطئك فلان مكرها فلا يكون قاذفا لها بذلك، لأن المكرهة ليست بزانية، وهل يكون سابا يعزر تعزير سب؟ قيل فيه وجهان: أحدهما لا يعزر، لأن المكرهة لم تفعل شيئا محرما ولا مأثما فلم يلحقها أذى بإضافة الوطء إليها فلم يعزر، والوجه الثاني أنه يعزر لأنه آذاها بهذا القول، وقبح عليها، فيعزر على ذلك.
إذا قذف أمة هي زوجته عزر لها وله اللعان لإسقاطه.
إذا قذف رجلا أجنبيا أو امرأة أجنبية بزنى، ثم قذفها دفعة أخرى فلا يخلو: إما أن يكون القذف الثاني قبل إقامة الحد عليه في القذف الأول أو بعد إقامته.
فإن كان بعد إقامته، فإن قذفها بذلك الزنى الذي حد له فالثاني ليس بقذف، لأنه ثبت كذبه بإقامة الحد عليه، فإذا كرره ثانيا لم يكن ذلك قذفا لكن يكون سبا وشتما وجب عليه التعزير، وإن قذفها بزنى آخر قيل فيه وجهان: أحدهما لا يقام عليه الحد، لأنه قد ثبت كذبه في حق هذا المقذوف بإقامة الحد عليه، والثاني أنه يلزمه حد ثان لأنه قذف ثان بزنى آخر، وهو الذي رواه أصحابنا.
فأما إن قذفه قبل إقامة الحد عليه، فإن قذفه بذلك الزنى حد حدا واحدا، وإن قذفه بزنى آخر قال قوم: يحد حدا واحدا، وهو الظاهر في روايات أصحابنا، وقال بعضهم: يحد حدين.
إذا قذف رجل امرأة أجنبية ثم تزوجها وقذفها قذفا آخر، فقد اجتمع في حقه قذفان، قذف الأجنبية وقذف لزوجته، وله الخروج من قذف الأجنبية بالبينة لا غير وله الخروج من قذف الزوجة بالبينة أو اللعان، ولا يخلو حال المرأة من ثلاثة حوال: إما أن تطالب بما يجب لها بالقذف الأول ثم بالثاني، أو تطالب بالثاني ثم الأول، أو تطالب بهما معا.
فإن طالبت بالأول فله الخروج عنه بالبينة، فإن أقام وإلا حد وإذا طالبت بالثاني فله الخروج عنه بالبينة أو اللعان، فإن لم يأت بأحدهما أقيم عليه حد القذف، قال قوم: يحد حدا واحدا لأنهما لشخص واحد، والصحيح عندنا أنه يحد حدين لأن كل واحد من القذفين منفرد بحكمه عن صاحبه، ويخالفه لأنه يخرج عن أحدهما