وأمكن أن يكون وطئها ظاهرا وباطنا ثم أتت بالولد لمدة يمكن أن يكون حدث بعد العقد فإنا نلحقه به، وإن لم يمكن أن يكون وطئها فإن الولد لا يلحقه، فعندنا لا بد من اعتبار إمكان الوطء في باب لحوق النسب.
وقال بعضهم: يكفي - إذا صح العقد في باب لحوق الولد - أن يكون متمكنا من الوطء وإن لم يعلم إمكان وطئه، فاعتبر قدرته على الوطء، ولم يعتبر إمكان الوطء على ما اعتبرناه مع تمكنه وقدرته، فعلى هذا حكي عنهم مسائل:
منها أنه إذا نكح الرجل امرأة بحضرة القاضي وطلقها في الحال ثلاثا ثم أتت بولد من حين العقد لستة أشهر، فإن الولد يلحقه، ولا يمكنه نفيه إلا باللعان.
والثانية لو تزوج مشرقي بمغربية ثم أتت بولد من حين العقد لستة أشهر فإنه يلحقه، وإن علم يقينا بأنه لا يمكن أن يكون وطئها بعد العقد.
ومنها أنه إذا تزوج رجل بامرأة ثم غاب عنها وانقطع خبره، فقيل للمرأة إنه مات، فاعتدت وانقضت عدتها فتزوجت برجل فأولدها أولادا ثم عاد الزوج الأول، فإن هؤلاء الأولاد كلهم للأول، ولا شئ للثاني، وهذه كلها باطلة عندنا، ولا يلحق به واحد منهم، ولا يحتاج إلى لعان.
ومن وافقنا في اعتبار إمكان الوطء، قال: لو كان الرجل ببغداد والمرأة بخراسان أو الروم وأتت بولد لمدة يمكن أن يكون قطع المسافة إليها أو قطعت إليه أو أنفذ ماءه إليها فاستدخلته، وبعد ذلك مضى زمان أقل الحمل، فإنه يلحق به، وإن علمنا أنه ما برح هو ولا برحت هي من هناك.
وعندنا أن هذا باطل لأن إنفاذ الماء من بلد إلى بلد بعيد واستدخاله وخلق الولد منه لم تجر العادة بمثله، وإن كان مقدورا لله كما أنه مقدور لله أن ينقلها أو ينقله من المشرق إلى المغرب فيطأها فيلحق به الولد، وقد اتفقنا على بطلان ذلك.