وإن قال: زنيت وأنت نصرانية ففيه ثلاث مسائل:
الأولة: أن يقول: زنيت وكنت نصرانية، فقالت: قد كنت نصرانية لكني لم أزن، فقد صدقته في أنها كانت نصرانية وكذبته بالرمي بالزنى فلا حد عليه، لأن الكافرة لا يجب الحد بقذفها لكن عليه تعزير قذف وله إسقاطه باللعان.
الثانية: أن يقول لها: زنيت وأنت نصرانية، فقالت: ما زنيت وما كنت نصرانية، فالقذف قد وجب عليه برميها، لكن يدعي أنها كانت نصرانية حال الزنى الذي رماها به، فهل يكون القول قول القاذف أو المرأة؟ قال قوم: القول قوله، لأن الدار لجميع المسلمين والكفار فما قاله يحتمل والأصل براءة ذمته، وقال آخرون: القول قولها لأن الظاهر دار إسلام كما يقول في اللقيط، والأول أقوى.
فمن قال: " القول قوله " حلف ويثبت أنه قذفها بزنى أضافه إلى حالة الشرك، ولا يلزمه الحد ويلزمه التعزير، وله إسقاطه باللعان، ومن قال: القول قولها، فإنها تحلف ويثبت أنه قذفها بزنى أضافه إلى حال الإسلام فعليه الحد إلا أن يسقطه بالبينة أو اللعان.
الثالثة: أن يقول لها: زنيت وأنت نصرانية، ثم قال: أردت أنك كنت فيما قبل نصرانية، وقالت المرأة: لا بل أردت في الحال، فالقول قولها لأن الظاهر معها، وهو أن ظاهر القذف يقتضي الرمي بالزنى في الحال.
فإذا قال: زنيت وأنت أمة، ففيه أربع مسائل: ثلاثة منها ذكرناها في التي قبلها، والحكم فيها واحد.
والرابعة أن يقول: زنيت وأنت الآن أمة، فقالت: أنا حرة، قيل فيه قولان أيضا، ولا يجئ هذا في النصرانية، لأنه إذا قال لها: أنت كافرة، وقالت: بل مسلمة، فقولها أنا مسلمة إسلام في الحال، وإبطال لقوله، ومثل هذا لا يكون في الأمة، لأنها إن كانت أمة في الباطن فقالت: أنا حرة، لا تصير حرة.
إذا قال: زنا بك صبي لا يجامع مثله، فلا يكون قذفا لأن هذا كذب وعليه تعزير السب وليس له إسقاطه باللعان.