فصل: في أين يكون اللعان:
اللعان لا يصح إلا عند الحاكم أو من يقوم مقامه من خلفائه، فإذا لاعن الحاكم بين الزوجين، فإنه يغلظ بينهما بأربعة شرائط: باللفظ، والمكان، والزمان، وجمع الناس.
فأما اللفظ فإن الزوج يشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين فيما رماها به من الزنى ثم يقول في الخامسة: " عليه لعنة الله إن كان من الكاذبين " ثم تشهد المرأة أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماها به من الزنى، ثم تقول: " عليها غضب الله إن كان من الصادقين " وهذا مجمع عليه، والقرآن يشهد به.
وأما المكان فإنه يلاعن بينهما في أشرف البقاع، فإن كان بمكة فبين الركن والمقام، وإن كان بالبيت المقدس ففي المسجد عند الصخرة، وإن كان في سائر البلاد ففي الجامع وإن كان بالمدينة ففي مسجد النبي صلى الله عليه وآله عند المنبر، وقال قوم: على المنبر.
وروي أن رسول الله صلى الله عليه وآله لاعن بين رجل وامرأة على المنبر، وروى جابر بن عبد الله الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وآله قال: من حلف على منبري هذا يمينا فاجرة ليقتطع بها مال امرئ مسلم ولو على سواك من أراك - وفي بعضها ولو على سواك وأحقر - فليتبوأ مقعده من النار.
وأما الوقت فإنه يعتبر أن يلاعن بعد صلاة العصر لقوله تعالى: " تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله " قيل في التفسير " بعد العصر " وروي أن النبي صلى الله عليه وآله قال: من حلف بعد العصر يمينا كاذبة ليقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله تعالى وهو عليه غضبان.
وأما الجمع فمعتبر لقوله تعالى: " وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين ".
وقال بعضهم: لا اعتبار بشئ من ذلك، فاللفظ شرط عندنا وعند بعضهم، فإن نقص أحد الزوجين من ألفاظ اللعان شيئا لم يعتد باللعان، وإن حكم الحاكم بينهما بالفرقة لم ينفذ حكمه، وقال قوم: ينفذ حكمه، وأما الوقت وجمع الناس