لكل واحدة منهما حد كامل، وله إسقاط حد الأم بالبينة فحسب، لأنها أجنبية، وله إسقاط حد البنت بالبينة وباللعان لأنها زوجته، وإن عفت أحدهما عن حقها لم يسقط حق الأخرى.
ومتى طالبت إحديهما قبل صاحبتها استوفى حقها أيهما كانت، فإن طالبت البنت أولا يلزمه الحد وله إسقاطه بالبينة أو باللعان، فإذا طالبت الأم بعد ذلك كان له إسقاطه بالبينة لا غير، وكذلك إن طالبت الأم أولا فأقيم عليه الحد، كان للبنت المطالبة وله إسقاطه باللعان وبالبينة معا، وإن طالبتا معا قدم حق الأم أولا وقال قوم:
يقدم حق البنت لأنها مواجهة بالخطاب، وكلاهما جائز، والأولى أن يكون من باب التخيير.
فإذا ثبت هذا، ووجب عليه الحدان معا فأقيم عليه حد الأم، لا يوالي عليه الحد الآخر، بل ينتظر حتى يبرأ من الحد الأول، ثم يقام عليه الحد الآخر، لأنه ربما أتلفه.
وإن كان القاذف عبدا، فإذا اجتمع عليه حدان قال قوم: لا يوالي بينهما أيضا، وقال آخرون: يجوز أن يوالي بينهما لأنهما بمنزلة حد واحد، وهو الأقوى، هذا إذا أوجبنا عليه نصف الحد، فأما على ما رواه أصحابنا بأن عليه الحد تاما في القذف وشرب الخمر فهو مثل الحر سواء.
إذا نكح امرأة نكاحا فاسدا وقذفها، فإن لم يكن هناك نسب لزمه الحد وليس له إسقاطه باللعان بلا خلاف وإن كان هناك نسب كان له أن يلاعن لنفي النسب، فإذا لاعن انتفى النسب وسقط الحد، وقال قوم: ليس له أن يلاعن سواء كان هناك نسب أو لم يكن، وهو الصحيح عندنا لقوله تعالى: " والذين يرمون أزواجهم " وهذه ليست زوجة، ولقوله: " والذين يرمون المحصنات ".
فمن قال له أن يلاعن قال: إذا لاعن تعلق به جميع أحكام اللعان من سقوط الحد وانتفاء النسب وتحريم التأبيد، وأما نفي الفراش فليس هناك فراش موجود حتى ينتفي.