فإن مات الزوج اعتدت المرأة عنه بالشهور عندنا، على كل حال، ولا تعتد بوضع الحمل عندهم هاهنا، لأن العدة إنما تنقضي بوضع حمل يمكن أن يكون من الزوج، وهذا لا يمكن أن يكون من هذا الزوج.
فأما إذا كان له عشر سنين فاتت امرأته بولد فإنه يلحقه نسبه، لأنه يمكن أن يكون منه، لإمكان أن يكون بلغ الاحتلام فيتأتى منه الوطء والإنزال والإحبال، فيلحقه النسب بالإمكان وإن كان بخلاف العادة، كما لو أتت المرأة بولد لستة أشهر من حين العقد، فإنه يلحقه نسبه لإمكان أن يكون منه، وإن كانت العادة بخلافه، لأن الظاهر أن لا تضع المرأة لأقل من تسعة أشهر.
وكذلك إذا تزوج بكرا فحبلت فإن النسب يلحقه، لإمكان أن يكون وطئها دون الفرج فسبق الماء إلى الفرج فحملت منه وإن كان الظاهر والعادة أن البكر لا تحبل.
فإذا ثبت أنه يلحقه نسبه فلا يجوز له نفيه باللعان، لأن اللعان إما أن يكون يمينا على قولنا أو شهادة على قول المخالف، وكلاهما لا يصحان من غير بالغ، وهذا غير محكوم ببلوغه، فإن البلوغ إنما يكون بالإقرار بالاحتلام أو باستكمال خمس عشرة سنة، أو بالإنبات عندنا ولم يوجد شئ من ذلك، ولأن اللعان إنما يصح ممن إذا نكل أقيم عليه الحد، وهذا لو امتنع لم يقم عليه الحد، فلم يصح لعانه.
فإذا ثبت ذلك، فإذا بلغ إما بالسن أو الاحتلام أو الإنبات كان له أن ينفي النسب لأنه صار لكلامه حكم فصح منه نفي النسب، فإن لم ينفه ومات إما قبل البلوغ أو بعده، قبل أن ينفي، أو بلغ مجنونا فتعذر النفي في حقه ومات، فإن النسب لا حق به والزوجية ثابتة فترثه الزوج والولد، لأن النسب لا حق به حتى ينفيه، والزوجية ثابتة حتى يسقطها.
فيثبت الإرث قبل حصول السبب القاطع للنسب والزوجية، وإن كان ذلك معرضا للإسقاط والنفي، كما لو حملت امرأة الرجل حملا وأراد نفيه وقبل أن نفاه مات، فإن الولد يرثه لثبوت نسبه، وإن كان معرضا للنفي.