وقال بعضهم: إن البينة تكذبه، لأنه قد أنكر أن يكون قذف، والبينة قامت عليه بالقذف، ونحن نحكم بأنه قاذف بقيام البينة عليه بالقذف، ألا ترى أنا نوجب عليه الحد ونعلق عليه أحكام القذف؟ فثبت أنه محكوم بقذف، وقد أنكر، فكان ذلك تكذيبا لنفسه، إلا أنه يصح مع هذا أن يلاعن لأنه يقول: أحسب أني ما قذفت هي زانية وإن لم أقذفها فأنا ألاعن على ما ثبت علي من القذف.
ومنهم من قال: إنكاره للقذف مناف لما شهدت البينة به، إلا أنه إنما يلاعن للقذف المجدد، لأنه إذا قامت عليه البينة بالقذف يقول: هي زانية، وإن لم أقذفها، فيكون هذا ابتداء قذف مجدد، فله أن يلاعن، فإذا لاعن حقق بلعانه القذف الأول والثاني معا إلا أنه إنما يلتعن في التحقيق للثاني، وعلى الوجوه كلها لا خلاف أنه يلاعن.
فأما إذا ادعت المرأة عليه أنه قال لها: يا زانية، فقال: ما قلت يا زانية وليست بزانية، ثم قامت البينة عليه بأنه قال لها ذلك، فإنه يكذب نفسه، ولزمه الحد لقيام البينة، وليس له أن يلاعن لأنه قد تقدم منه الإقرار بأنها ليست بزانية فليس له أن يحقق كونها زانية بأن يلتعن مع تقدم إنكاره لها.
ومثل هذا إذا ادعى على غيره بأنه أودعه وديعة فقال: مالك قبلي حق، فأقام البينة أنه أودعه، فقال: صدقت البينة قد كان أو دعني لكن تلفت، فالقول قوله فلا يلزمه شئ لأنه إنما جحد أن يكون قبله حق والبينة شهدت أنه أودعه وقد يودعه شيئا فيتلف في يده، فلا يكون له قبله حق، فلم يكن في ذلك ما ينافي البينة.
فأما إذا ادعى أنه أودعه، فقال: ما أودعني، ثم قامت البينة أنه أودعه، فقال:
بلى كان أودعني وتلفت، فإنه لا يقبل قوله، ويلزمه الضمان، لأنه نفى أن يكون أودعه، وقد قامت البينة عليه بالإيداع، فثبت كذبه فيما قاله، وخرج عن كونه أمينا فلزمه الضمان.
إذا قال الصبي لزوجته: يا زانية، لم يكن ذلك قذفا ولا يلزمه به الحد بلا خلاف لقوله صلى الله عليه وآله: رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يحتلم، فإن بلغ وأراد