إذا قذف الرجل زوجته الحرة المسلمة المحصنة، فعليه الحد، وكذلك إذا قذف المجنونة بزنى أضافه إلى حال الإفاقة، فأما إذا قذف المجنونة بزنى أضافه إلى حال الجنون، أو كان له زوجة أمة أو كافرة فقذفها فإنه يجب عليه التعزير.
فإذا ثبت هذا فإن الحد أو التعزير إذا وجبا عليه للمرأة الحرة، فكانت مجنونة فليس لها أن تطالب بالحد ولا لوليها المطالبة به، لأن للولي المطالبة بالأموال.
وأما الأمة إذا وجب بقذفها تعزير فلها أن تطالب به لأنه حق لها، فإن أراد السيد المطالبة لم تكن له، لأنه إنما يطالب بما كان مالا أو له بدل هو مال، ولو جنى عليها ملك المطالبة بقصاصها وأرشها.
إذا وجب على الرجل الحد بقذف زوجته أو بقذف أجنبية أو أجنبي فمات المقذوف أو المقذوفة قبل استيفاء الحد انتقل ما كان لهما من المطالبة بالحد إلى ورثتهما، ويقومون مقامهما في المطالبة، وقال قوم: حد القذف لا يورث، لأنه من حقوق الله عنده، وعندنا من حقوق الآدميين.
فإذا ثبت أن هذا الحد يورث، فمن يرثه؟ قال قوم: يرثه جميع الورثة المناسبين، وذوي الأسباب كالمال، وقال آخرون: يختص به المناسبون دون ذوي الأسباب، وهذا مذهبنا، وقال آخرون: إنه يختص العصبات.
فإذا ثبت هذا فإن الورثة يرثون هذا الحق بأجمعهم، وكل واحد منهم ينفرد بإرثه، على معنى أنه إن عفا جميعهم إلا واحدا كان له استيفاء الحد.
وجملته أن الحقوق الموروثة على أربعة أضرب:
حق يرثه جماعة الورثة على سبيل الاشتراك، ويرثه كل واحد منهم على الانفراد فيملك التفرد باستيفائه، وهو حد القذف عندنا، وولاية النكاح عندهم.
وحق يرثه جماعة الورثة على الاشتراك ويرث كل واحد منهم بقدر حقه، وهو الأموال.
وحق يرثه جماعتهم على الاشتراك ولا يملك أحدهم التفرد بشئ منه، فمتى عفا واحد منهم سقط حقه، وهو القصاص وسقط حق الباقين أيضا وينتقل إلى