الأخرس على ضربين: أحدهما أن لا يكون له إشارة معقولة ولا كناية مفهومة، والثاني الذي له إشارة معقولة أو كناية مفهومة.
فإذا لم يكن له إشارة معقولة ولا كناية مفهومة، فلا يصح قذفه ولا لعانه ولا نكاحه ولا طلاقه، ولا شئ من عقوده، لأنه لا يفهم ما يريده بلا خلاف.
وأما الأخرس الذي له إشارة معقولة أو كناية مفهومة فإنه بمنزلة الناطق في سائر الأحكام، فيصح قذفه ولعانه ونكاحه وطلاقه وسائر عقوده، وقال قوم: لا يصح قذفه ولا لعانه وأما طلاقه ونكاحه ويمينه وعقوده فإنها تصح، فمتى حكمنا بأنه يصح لعانه وقذفه فمتى قذف ولا عن ثم انطلق لسانه فقال: ما كنت لا عنت، قبل رجوعه فيما فيما عليه، ولا يقبل فيما له.
فإذا ثبت هذا فاللعان تتعلق به أربعة أحكام: سقوط الحد، وانتفاء الولد، والتحريم المؤبد، وزوال الفراش، فإذا أقر أنه لم يكن لاعن لزمه الحد، ولحقه النسب، لأنه حق عليه، ولا يعود الفراش ولا يزول التحريم، لأنه حق له.
وهكذا الحكم في الناطق إذا لاعن ثم أكذب نفسه، فإنه يلزمه الحد ويعود النسب، ولا يزول التحريم ولا يعود الفراش، غير أن أصحابنا زادوا في النسب بأن قالوا: يرثه الولد ولا يرث هو الولد.
فأما إذا قال: لم أقذف، فإنه لا يقبل منه لأنه لزمه الحد بالقذف، فلا يقبل قوله في إسقاطه به، كما لو أقر بالدين بالإشارة، ثم قال: لا شئ علي، لم يقبل.
فأما إذا كانت المرأة خرساء أو صماء فلا فرق بين أن يكون الرجل ناطقا أو أخرس له إشارة معقولة، فإن أصحابنا رووا أنه يفرق بينهما، ولم تحل له أبدا، ولم يفصلوا.
وقال المخالف: لا يخلو حال المرأة إما أن يكون لها إشارة معقولة أو لا يكون لها ذلك، فإن كان لها إشارة معقولة أو كناية مفهومة فهي كالناطقة، فيتأتى اللعان من جهتها، فإذا قذف الزوج ولاعن نظر: فإن لاعنت أسقطت الحد عن نفسها، وإن لم تلاعن أقيم عليها الحد كالناطق، وإن لم يكن لها إشارة معقولة ولا كناية مفهومة