فاللعان لا يتصور من جهتها، وهي بمنزلة المجنونة سواء، وسنبين حكم المجنونة فيما بعد.
فأما من أمسك لسانه انقطع كلامه، قال قوم يتأنى إلى مدة، فإن انطلق لسانه وتكلم يحمل عليه، وإن لم ينطلق صار بمنزلة الأخرس رجع إلى إشارته، ولا فصل بين أن يكون مأيوسا من برئه أو غير مأيوس.
وقال قوم: بل يرجع إلى أهل المعرفة، فإن قالوا: لا يرجى زواله، رجع إلى إشارته وإن قالوا: يرجى زواله، انتظر عليه حتى ينطلق لسانه فيرجع إلى قوله، والأول أقوى لأنه ربما انتظر فلا ينطلق لسانه فيموت فيذهب وحيه وتبطل الحقوق التي له وعليه. إذا قذف زوجته المجنونة إما في حال إفاقتها فلزمه الحد، ثم جنت أو قذفها في حال جنونها بزنى أضافه إلى حال الصحة فلزمه الحد بذلك، أو قذفها بزنى أضافه إلى حال الجنون فلزمه التعزير، فإنه ينظر:
فإن كان هناك نسب يحتاج إلى نفيه جاز أن يقذف ويلاعن لنفي النسب، لأن النسب لاحق به في هذه الحالة كما لو كانت عاقلة.
وإن لم يكن له نسب فإن كانت المرأة مفيقة وطالبت بالحد أو بالتعزير فله أن يلاعن لإسقاط الحد والتعزير بلا خلاف وإن كانت مجنونة فتعذرت المطالبة من جهتها قال قوم: إن كانت مغلوبة على عقلها فالتعن وقعت الفرقة ونفي الولد إن انتفى منه، وقال آخرون: ليس عليه أن يلتعن إلا أن تطالبه المقذوفة، وهو الأقوى.
فإذا ثبت هذا فإنه إذا لاعن لنفي النسب أو لإسقاط الحد فقد وجب على المقذوفة الحد بلعانه، إلا أنه لا يقام عليها في حال جنونها، لكن ينتظر إلى أن تفيق فإما أن تلاعن أو يقام عليها الحد، وإن لم يكن هناك حد ولا تعزير ولا نسب بأن تبرئه المرأة فليس له أن يلتعن، لأنه ليس هناك شئ يحتاج إلى إسقاطه، وفيهم من قال: له أن يلتعن لإزالة الفراش وإسقاط الزوجية، وليس بشئ لأنه يمكنه إزالته بالطلاق.