ولا فرق بين الجارية والغلام في إمكان بلوغهما في تسع سنين، وفي الناس من فرق.
إذا كان الزوج بالغا مجبوبا فاتت امرأته بولد لحقه نسبه إلا أن ينفيه باللعان لأنا لا نعلم أنه لا يولد لمثله، وقال قوم: إنه ينفى عنه بلا لعان، والأول أصح، وكذلك القول إذا كان مسلولا وذكره باق أو مقطوع الذكر وأنثياه باقيتين، يلحقه الولد، وفي الناس من قال: لا يلحقه، والأول أصح للظاهر.
فأما إذا كان مقطوع الذكر والأنثيين معا فإنه لا يلحقه الولد، وينتفي بغير لعان، لأنه ما جرت العادة أن يولد لمثل هذا، وفي الناس من قال: لا ينتفي إلا بلعان، والأول أقوى لاعتبار العادة.
إذا قذف الرجل رجلا، فادعى القاذف أنه قذف وهو مجنون فلا حد عليه، وقال المقذوف: بل قذفت في حال إفاقتك وعليك حد، هذا إذا قامت البينة بالقذف ثم ادعى ما ذكرناه، فأما إذا أقر بالقذف ثم ادعى ذلك كان في حال جنون فإنه لا يقبل منه، لأنه رجوع عما أقر به.
فإذا ثبت هذا فإن البينة إذا قامت بذلك ثم ادعى ما ذكرنا ففيه مسألتان:
إحديهما أن لا يعرف للقاذف حالة جنون، والثانية أن يعرف له حال جنون.
فإن لم يكن يعرف له حال جنون فالقول قول المقذوف، لأنه قد ثبت بالبينة أنه قذف، وما يدعيه القاذف من الجنون لم يعلم، فالظاهر موافق لما يدعيه المقذوف فكان القول قوله مع يمينه، فإذا حلف لزم القاذف الحد.
وأما إذا علم له حالة جنون وحالة إفاقة فإن قذف في حالة جنونه لم يلزمه الحد وإن قذف في حال إفاقته لزمه الحد، وإن شك في أمره فلم يدر هل قذف في حال إفاقته أو في حال جنونه فاختلفا، فالقول قول القاذف، وفي الناس من قال: القول قول المقذوف، والأول أصح، لأنه ثبت له حال إفاقة وحال جنون وإذا احتملا فالأصل براءة الذمة عن القذف، فلا يلزمه الحد مع الشك، ولأن الحدود تدرأ بالشبهات.