كله، فإذا أكله يأكله مملوكا لكن متى يملكه؟ قيل فيه ثلاثة أقوال: أحدها بالتناول، والثاني بوضعه في فيه، والثالث بالابتلاع، فمن قال: يملكه بالتناول، جاز أن يلقم غيره، ومن قال بغير ذلك لم يجز، والأقوى أن يقال هاهنا: يملكه بالتناول.
إذا كان لرجل عبد فغصبه غاصب فأعتقه صاحبه عن كفارته وهو في يد الغاصب لم يجزئه، لأن القصد من الإعتاق تمليك المعتق منفعة نفسه، فإذا أعتقه في يد الغاصب فما ملكه منفعة نفسه، فإن الغاصب يحول بينه وبين ذلك، ويقوى في نفسي أنه يجزئ لأنه ملكه، وعموم الأمر بالإعتاق يتناوله.
إذا كانت له أمة حامل بمملوك فأعتق حملها من كفارته لم يجزئه، لأنه مشكوك في وجوده بلا خلاف، والعتق ينفذ فيه عندهم لأنه مملوك ولا يسري العتق إلى الأم لأن الولد تابع لها، ولا يسري العتق من التابع إلى المتبوع، فأما إذا أعتق الأم فإن عتقها ينفذ ويجزئ عن الكفارة لأنها مملوكة له، ويسري العتق منها إلى الولد لأنه تابع.
إذا وجب على رجل كفارتان عن ظهار وعن قتل، فأعتق عنهما عبدين ففيه ثلاث مسائل:
إحداها: أن يعين عتق كل واحد من العبدين عن كفارة، بأن يقول: أعتقتك يا سالم عن كفارة ظهاري وأعتقتك يا غانم عن كفارة القتل، فيجزئه ذلك بلا خلاف.
الثانية: أن يعين عبدا عن كفارة وعبدا عن كفارة أخرى ولا يعين ذلك فيجزئه أيضا، لأنه وجد منه الإعتاق ونية التكفير.
الثالثة: أن يعين النصف من كل واحدة منهما عن إحدى الكفارتين، أو يقول لأحدهما: أعتقتك عن كفارتي، وقال للآخر: أعتقك عن كفارتي، أو يقول لهما:
أعتقتكما معا عن كفارتي، قال قوم: يجزئه، واختلفوا في تكميل العتق ووقوعه.
فقال قوم: يعتق عن كل واحد من الكفارتين عبدا كاملا لأنه لما أعتق نصف هذا العبد عن كفارة سرى ذلك إلى الباقي فعتق عنها، وكذلك لما أعتق نصف الآخر عن الكفارة الأخرى سرى ذلك إلى الباقي فعتق عنها فينعتق عن كل كفارة عبد كامل.