فأما الإعتاق عن الميت فلا يخلو أن يعتق عن واجب أو عن تطوع.
فإن أعتق عن تطوع لم يخل أن يكون باذنه أو بغير إذنه، فإن أعتق باذنه جاز كحال الحياة، وكذلك إذا أوصى إليه وأذن له بعد الوفاة، وإن أعتق عنه بغير إذنه فإنه يقع عن المعتق دون من أعتق عنه.
وأما إذا أعتق عن واجب مرتب كالعتق في كفارة الظهار والقتل، فإنه إن خلف مالا لزم أن يعتق عنه من ماله لأنه بمنزلة الدين وإن لم يكن له مال فأعتق عنه وارثه من ماله جاز، وكذلك إن كان له مال فأراد وارثه أن يعتق عنه من ماله جاز ويقع العتق عنه، ويكون الولاء له عندهم، ويكون عندنا سائبة.
وأما إذا كانت الكفارة مخيرة ككفارة اليمين، فإنه إن كفر عنه بالإطعام أو بالكسوة جاز ذلك، وإن أراد أن يكفر بالعتق فإن كان أذن له في ذلك جاز، وإن لم يكن أذن قيل فيه وجهان: أحدهما لا يجوز لأنه يمكنه أن يكفر عنه بالإطعام أو بالكسوة، فإذا كفر بالعتق فقد كفر بما ليس بواجب فلم يجز، والوجه الثاني - وهو الأصح - أنه يجزئه لأن الكفارة المخيرة بأي شئ كفر منها حكمنا بأنه هو الواجب، فتعين ذلك بالفعل عندهم، وعندنا أن الثلاث واجبة على التخيير.
فإذا ثبت هذا فلا خلاف أنه إذا قال: أعتقت عنه هذا العبد، فإن المعتق عنه يملكه، ثم يعتق في ملكه، لكن متى يحصل له الملك؟ منهم من قال: إذا قال أعتق عني، فقال: أعتقت، تبينا أنه ملكه بقوله " أعتق عني " ومنهم من قال: إنه يملكه بشروعه في لفظ الإعتاق، وقال آخرون: إذا قال: أعتقت هذا العبد عنك، فإنه يملكه ويعتق عنه في ماله، وهكذا القول إذا اشترى من يعتق عليه، فإن العتق والملك يحصلان في حالة واحدة.
والأقوى أن يقال إنه إذا قال: أعتقت هذا العبد، فإنه يملكه عقيب هذا القول ثم يعتق بعد ذلك بلا فصل، وكذلك إذا اشترى من يعتق عليه، فإنه يملكه بالفراغ من البيع، ويعتق عليه بلا فصل.
وهاهنا مسألة تشبه هذه المسألة، وهي أن الرجل إذا قدم إلى غيره طعاما وقال: