فإذا أعتقه فلا فرق بين أن يقول: أعتقت عبدي عن كفارتي على أن عليك عشرة، أو يقول: أعتقته على أن عليك عشرة، أو يقول: أعتقته على أن عليك عشرة عن كفارتي، سواء في ذلك تقديم ذكر الكفارة وتقديم ذكر العوض، لم يجزئ ذلك عن الكفارة لأن العتق وقع مشتركا بين الكفارة والعوض الذي شرطه، فلم يجزئ عن الكفارة فإذا لم يقع عن الكفارة فإنه يقع عن العوض الذي شرطه، لأنه أوقعه عن أمرين، فإذا لم يقع عن أحدهما وقع عن الآخر، ويستحق عليه العوض الذي شرط، ويقع العتق عن الباذل ويكون ولاؤه له.
الثانية: أن يقول: أعتق عبدك عن كفارتك على أن علي عشرة، فأعتقه على ذلك وأخذ العشرة، ثم ردها إليه أو لم يأخذها لكن قال: أبرأتك منها، فإن العتق لا يقع عن الكفارة، لأنه حال ما أوقعه وقع مشتركا فلم يصر بعد ذلك خالصا عن الكفارة برد العوض، ويكون الحكم على ما قلناه فيما قبلها.
الثالثة: أن يقول: أعتق عبدك عن كفارتك على أن علي عشرة، فقال: لست أختار العشرة وقد أعتقته عن كفارتي، فيجزئه عن الكفارة، لأنه لم يقبل العوض.
وتتفرع على هذا مسألة أخرى، وهي أنه إذا قال له: أعتق عبدك عن كفارتك على أن علي عشرة، فقال: أعتقته، ولم يقل: " عن كفارتي " ولا قال: " على أن عليك العشرة " فالظاهر أنه أوقعه عن الأمرين معا لأنه خرج جوابا عن كلامه، وهو استدعى منه العتق عن الكفارة على العوض، والظاهر أن الجواب انصرف إليه.
إذا وجبت على رجل كفارة فأعتق عنه رجل عبدا، لم يخل أن يكون المعتق عنه حيا أو ميتا.
فإن كان حيا لم يخل أن يعتق عنه باذنه أو بغير إذنه، فإن أعتق عنه باذنه جاز ووقع عن المعتق عنه، والولاء له عندهم، وعندنا يكون سائبة وسواء أعتق عنه تطوعا أو عن واجب، بجعل أو بغير جعل، فإن أعتق بجعل فهو كالبيع، وإن أعتق بغير جعل فهو كالهبة وإن أعتق عنه بغير إذنه نفذ العتق عن المعتق دون من أعتق عنه، وفيه خلاف.