الثاني: يكفيه أن ينوي التتابع في أول الصيام ولا يحتاج أن ينوي كل ليلة.
والثالث: لا يحتاج أن ينوي التتابع أصلا لا في الليلة الأولى ولا في كل ليلة، وهو الصحيح عندنا، ولأنه لا دليل على ذلك، ولأن التتابع من شرط الصوم، والنية إنما تجب للعبادة لا لشرائطها، ألا ترى أنه يجب أن ينوي الصلاة ولا يجب أن ينوي شرائطها وأركانها من الركوع والسجود وغير ذلك.
قد مضى حكم الإغماء والجنون إذا طرءا على الصوم في كتاب الصوم، وما يفسد الصوم، وما لا يفسده، فإذا ثبت ذلك فكل موضع يقال " إن الصوم لا يبطل " فالتتابع لا ينقطع وكل موضع قيل " يبطل " فهو ينقطع التتابع، على قولين كالمريض لأن الإغماء مرض، وعندنا لا يفطر فلا يقطعه على ما مضى.
إذا صام المكفر شهرين متتابعين منهما رمضان، فلا يخلو أن يصوم شعبان، ثم يتبعه رمضان أو يصوم أولا رمضان ثم يتبعه شوال وما بعده، فإن صام شعبان ورمضان فإن رمضان لا يجزئه عن الكفارة بلا خلاف، وشعبان لا يجزئ أيضا لأنه ما تابع.
فأما رمضان فإنه يجزئ عندنا عن رمضان، وقال قوم: لا يجزئ لأنه ما عين النية ويلزمه صوم شهرين متتابعين بلا خلاف، وصوم شهر قضاء رمضان عنده، فأما إن صام أولا رمضان ثم ما بعده فصوم رمضان لا يجزئ عن الكفارة بلا خلاف، فأما عن رمضان فصحيح عندنا، ويعتد به شهرا بين هلالين.
وأما شوال فإن يوم الفطر لا يصح صومه عن كفارة، ويسقط اعتبار الهلال فيه ويحتسب بالعدد، فإن كان الشهر تاما فقد حصل له تسعة وعشرون يوما بقي عليه يوم وإن كان ناقصا بقي عليه يومان يقضيهما، هذا إذا لم يعتبر فيه التتابع أو اعتبر كل ليلة.
فأما من قال: يحتاج أن يأتي بها في أول الصوم، فإنه لا يجزئه حتى يستأنفها في اليوم الثاني من شوال، لأنه قد نواها في أول يوم من رمضان، وذلك لا يقع عن الكفارة، فلزمه استئنافها، وهذا يسقط عنا لما بيناه من أن نية التتابع غير معتبرة.