الرسائل التسع - المحقق الحلي - الصفحة ٢١٢
قائل منا بالفرق.
الوجه الثاني: ملاقاة المائع للنجاسة توجب نجاسته، والنجس لا تزال به النجاسة.
لا يقال: هذا يرد على الماء القليل. لأنا نجيب من وجهين: أحدهما ما اختاره المرتضى في الناصريات (8): أن الماء ينجس لورود النجاسة عليه، ولا ينجس بوروده عليها. والثاني مقتضى الدليل التسوية، لكن التطهير في الماء حصل لضرورة الحاجة إلى الإزالة، والضرورة تندفع به، فتسوية غيره به تكثير لمخالفة الدليل وهو غير جائز.
الوجه الثالث: منع الشرع من استصحاب الثوب النجس في الصلاة قبل غسله بالمائع ثابت فيثبت بعد غسله بغير الماء عملا بالاستصحاب. وإن قيل: لا نسلم العمل بالاستصحاب، لأن فائدته قياس إحدى الحالتين على الأخرى، والعمل بالتسوية من غير دلالة. ولو سلمناه لكان معارضا بما أن الأصل جواز الإزالة له بكل مزيل للعين قالع للأثر فيجب العمل به تمسكا بالأصل.
وتعارض ما ذكرتموه بالآية والخبر. أما الآية فقوله تعالى: * (وثيابك فطهر) * (9) والطهارة في اللغة التنزه عن الأدناس فيكون ذلك مرادا، لأن الأصل عدم النقل. وأما الخبر فما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لخولة بنت بشار: " حتيه ثم اقرصيه ثم اغسليه " (10) ولم يذكر الماء. وكذا ما رواه

(٨) الناصريات، كتاب الطهارة، المسألة الثالثة.
(٩) سورة المدثر: ٤.
(١٠) لم أجد هذا الحديث من خولة فيما راجعت من كتب العامة. نعم رواه في كنز العمال ٩ / 525 وابن ماجة في سننه 1 / 206 بهذه العبارة: عن أسماء بنت أبي بكر قالت: سئل النبي عن دم الحيض..
وقال في الإصابة في تمييز الصحابة 4 / 294: خولة بنت يسار (لا بشار كما في المتن) قالت:
أتيت النبي صلى الله عليه وآله فقلت: إني امرأة أحيض وليس عندي غير ثوب واحد... قال: إذا تطهرت فاغسلي ثوبك ثم صلي عليه قلت: إني أرى أثر الدم فيه فقال: اغسليه ولا يضرك أثره.
(٢١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 ... » »»
الفهرست