220 - 5 إذا تقررت هذه المقدمات فنقول: بعد ما تقرر ان ظاهر الحق المسمى بالخلق مجلي لباطنه، وفي تميزها بينهما من الاعتبارات بحسب الأذواق المختلفة والادراكات المتفاوتة ان تلك الاعتبارات من وجوه:
221 - 5 الأول: ان اعتبرت أو شوهدت الأحدية الوجودية في الحضرة الإلهية وأسمائها الفاعلة وفي الحضرة الكونية وحقائقها القابلة، اما في الأولى فبنسبة البطون، واما في الثانية فبنسبة الظهور، قيل: الكل حق، لأنه الموجود المحقق لذاته الواحد الاحد، والأسماء نسب فاعليته من حيث بطونه، والحقائق الكونية نسب قابليته من حيث ظهوره.
222 - 5 الثاني: إذا اعتبرت نفس الكثرة وجودية، سواء اعتبرت في الحضرة الأسمائية الإلهية - أي في تعينات الأشياء من حيث الفاعل - أو في حضرة الحقائق الممكنة - أي في تعيناتها من يحث القابل - أو فيهما معا، قيل: إنها خلق وسوى وحقيقة ممكنة وظاهرة، و هي مظاهر وشئون وأسماء، لان الكثرة الوجودية ليست شأن الحق الواحد، بل مضافة إليه بنوع.
223 - 5 الثالث: متى لم يعتبر الكثرة وجودية، بل نسبة راجعة إلى عين واحدة، اما لان الكثرة انما هي بالتعينات التي هي نسب الذات المتعين واما لأنها ناشئة من نسبة الظهور، وهذا ذوق المحقق المعتلى على العارف وذوقه، قيل: الكثرة أسماء الحق وأحواله ونسبه ونحو ذلك. وكون هذا الذوق أعلى من ذوق العارف يعرف مما قال قدس سره في تفسير إياك نعبد: ان قبلة العارفين وجود مطلق الصورة الربانية وظاهر الحق، وقبلة المحققين وجود الحق ومرتبته الجامعة بين الوجود والمراتب من غير تفرقة وتعديد، وذلك لان البون بين شهود ظاهر الوجود وبين شهود مطلقه ذاتا ومرتبة بين، كما أن قبلة الراسخين مرتبة الحق من حيث عدم مغايرتها ولها حضرة أحدية الجمع، وقبلة الانسان الحقيقي الكامل الأكمل حضرة الهوية التي لها أحدية جمع الجمع المنسوبة لجميع المتقابلات من الظهور والبطون والجمع والتفصيل وغيرهما.