الحق مجلي واحدا لباطنه وهو متجل بباطنه لظاهره وجامع بالحضور بين الحضرتين، فان غيب هوية الحق من حيث اطلاقها مسمى بالباطن، وحضرة الامكان بصبغته القديمة ممن امتاز عنها بمعنى الظلية لاستعداداتها الأزلية الغير المجعولة للامتيازات الواقعة متصفة بالظهور، فالمجالي صور الاصباع القديمة التي هي الشؤون الأصلية للمتجلى، كما أن تعدد هذا المجلى الواحد لتعدد تلك الشؤون بسبب ترتيب وتوقيت ينشئان من خصوصيات الاصباع الاستعدادية، فهما أيضا من جملة الأحوال المضاف إليها الآثار، كنفس الشؤون ونفس المجلى الواحد المتعدد بحسبها.
214 - 5 ثم الانسان مجمع مظهريات المجالي الحاكية لباطنها فيشمل على المحاكاتين، والاقتصار على هذا المقدار يحقق الذوق الأول من معرفة التقابل، وان أريد تحقيق ان البطون والظهور كل منهما نسبة لا تحقق لهما ولا معتبر لهما الا بالنسبة إلى مداركنا كما مر مرارا، فالمتحقق ليس الا هو الحق الواحد الاحد، فالكل عينه، حصل الذوق الثاني الأتم من معرفة التقابل الاعلى الأتم.
215 - 5 ثم نقول: ولتحقيق هذا مقدمات:
216 - 5 الأولى ان حضرة الامكان المسمى بالبحر الكوني وحضرة الكون هي في الحقيقة ظل الوجود الحق، لان الحق هو الظاهر بنوره الذاتي وهذه الحضرة ظاهرة باشراقه عليها وتوجهه إليها، وذلك كون ظهوره بحسبها الذي هو معنى الظلية المذكورة في قوله تعالى: ألم تر إلى ربك كيف مد الظل (45 - الفرقان) أي ظل التكوين على الحقاق القابلة، أي كيف أظهرها بحسبها لا بحسبه - والا لم يتفاوت - 217 - 5 الثانية ان سبب امتداد هذا الظل توجه خاص من حضرة الهوية خصوصية ناشئة يبعث عليها طلب كمال الجلاء والاستجلاء في صورة الانسان الكامل، وذلك التوجه نحو العماء المفسر بالنفس الرحماني الاحدى والصورة الوجودية المطلقة الذي هو - أي ذلك العماء - مرتبة ذلك الانسان الكامل - كما قلنا إنه لا يشهده الا هو - ونحو المركز الذي