يتعين به الدائرة الكونية ويستقر فيه الصورة الآدمية الجامعة، وهو مركز دائرة العماء - بالمهملة - لا الغماء - بالمعجمة - وإن كان الثاني انسب لقولنا: يتعين به الدائرة الكونية، وذلك لأنا ما اقتصرنا عليه، بل ضمنا إليه قولنا: ويستقر فيه الصورة الآدمية الجامعة، فالمراد إذا المركز الموصوف بالصفتين، وذلك هو المركز الواقع بين الظل الامكاني والبحر الكوني المذكور وبين من امتد عنه وتعين منه، وهو الوجود الحق والوجوب الإلهي الظاهر بنوره الذاتي، وبذلك صار المرتبة العمائية الانسانية الكاملة برزخا بين الحضرتين.
218 - 5 الثالثة ان شأن هذا الظل المسمى بالامكان التي هي من حيث اعتبار وحدتها حقيقة العالم الاتصاف بالظهور، وذلك بسبب صبغته القديمة باصباع الشؤون الأزلية التي هي الحقائق الغير المجعولة، وبسبب الحكم المصاحب لذلك الظل، كاستعدادات اصباغه الغير المجعولة الحاصل ذلك الحكم من ذات من امتاز عنه بطريق الظلية فقط، أي بلا توسط ومدخل لغيره، إذ لا غير ثمة، ولذا تسمى تلك الاصباع الشؤون الذاتية ويسمى حصولها من ذاته سبحانه الفيض الأقدس، وعبر أكمل الخلق عن فيضه بقوله: قبل من قبل لا لعلة ورد من رد لا لعلة، أو المراد امتياز الظل عن الذات بمعنى الظلية فقط، لا بمعنى ان له وجودا محققا غير وجوده، فان وجود الظل عين وجود النور بحال يقتضيه مرتبته، إذ كل ما ليس بنور فهو ظلمة وهى عدم لا وجود لها.
219 - 5 فهذا الظل المتصف بالظهور هو المجلى لغيب الهوية المطلقة التي من حيث اطلاقها يسمى بالاسم الباطن، فكان ظاهر الحق على ما يقتضيه الظهور المطلق مجلي واحدا لباطنه، ولا يتعدد هذا المجلى الواحد الا لتعدد شؤون المتجلى التي هي الحقائق الغير المجعولة وأحواله على ترتيبها الحاصل من تفاوت الاستعدادات وتوقيتها الحاصل من ترتب تمام الاستعداد، فالترتيب أعم من التوقيت، فكل منهما من جملة الأحوال المضاف إليها الآثار، كما أن المجلى نفسه من جملة تلك الشؤون والأحوال، فالكلمة الجامعة ان تعدد المجلى ليس الا بالشأن والآن الإلهيين كما مر مرات.