224 - 5 الرابع: إذا اعتبرت الكثرة من حيث الامر الجامع لها وعقلت متوحدة مجردة عن الصبغة الوجودية، فهي الظل المشار إليه المسمى بالامكان، وهو حقيقة العالم وعينه الثابتة من جهة كونه عالما لا من جهة كونه أسماء للحق، إذ المعتبر حينئذ كثرته النسبية لا وحدته، ولا من جهة كونه خلقا، إذ المتعقل حينئذ كثرته الوجودية لا وحدته، ولا من جهة كونه حقا، إذ المتعقل حينئذ وحدته الوجودية لا المجردة عن صبغة الوجود.
225 - 5 الخامس: متى نظرت إلى العالم بعين الجمع في الوجود بين الحق والخلق، رأيت حقا في خلق، لان الوجود الواحد في ذاته ظهر في صور أعيان كثيرة كما قال تعالى: كل يوم هو في شأن (29 - الرحمن) فالكثرة في شؤونه وأحواله وظهرت في مرايا أعيان العالم. أو رأيت خلقا في حق ظاهرا به، إذ لولا الوجود لما ظهرت أعيان العالم. أو رأيت الامرين معا وقلت: الوجود يلحقه كل تسمية بحسب مرتبة حالية، فبنسبة البطون والمتجلى حق وبنسبة الظهور والمجلى خلق، فالوجود الحق في ذوق هذا المقام مرآة أحوال الأعيان واعيان العالم مرآة لوجوده.
226 - 5 قال قدس سره في النفحات: فنحن من حيث حقائقنا التي هي صورة معلوميتنا الثابتة في علم الحق أزلا، مرايا للوجود المطلق الذاتي، فإنه سبحانه عين الوجود لا وجود لسواه، فهو يستجلى فينا نفسه، وحضرته مرآة لأحوالنا المتكثرة وتعدداتنا، فنحن لا ندرك الا بعضنا بعضا - لكن في الحق - فيحب منا ما نستجليه فيه وليس غير الصفات والأحوال، وهو يحب فينا نفسه من حيث إن رؤيته لنفسه في مرآة مغايرة له من وجه مخاف لرؤيته نفسه في نفسه لنفسه، بل لا رؤية هناك ولا تعدد، لان المرآة المغايرة تبدى حكما لم يكن متعينا بدونها، وهذا سر من اطلع عليه عرف سر الذات والصفات والأحوال والمرايا والمحال، وان العالم بحقائقه وصوره مرآة للحق من وجه والحق من وجه اخر مرآة للعالم. وذكر لي شيخنا رضي الله عنه باخبار من الحق له ونص صريح انه لا أعلى من ذوق الجمع بين الامرين