يمتاز به عن المؤثر فيه، ولا يؤثر الواحد من حيث كونه واحدا في الكثير ولا بالعكس، بل للواحد كثرة نسبية وللكثرة أحدية جمعها، فإذا حكم بالتأثير بينهما فمن حيث هما لا يتغايران، وإذا اثر الشئ فيما له جزء أو نسبة جامعة، فتلك النسبة هي محل الأثر ومستدعيه، فالشئ اذن هو المؤثر في نفسه لكن باعتبار ما منه فيما يسمى غيرا من وجه، أو فيما لا يغايره الا من كونه ظهورا منه في مرتبة أخرى، أوجب اختلافا مع بقاء العين على أحديتها في نفسها على ما كانت عليه، ومن وضح له هذا السر عرف ان لا امداد لشئ من سواه ولا استفادة ولا تأثر. وكل هذه القواعد مذكورة في النفحات.
201 - 5 ثم إن المؤثر الحقيقي في الكل هو الحق لكن لا من حيث هويته الاطلاقية الأحدية، بل يؤثر في الظهور بمجرد ذاته الاحدى وفي تعينه بنسبه الأسمائية وشئونه الذاتية المتعينة باستعدادات القوابل والمعينة لصورها، والصور في الحقيقة صور لا نفس الأسماء التي هي أحوال الذات، وقد مر ان الشئ لا يؤثر الا في نفسه باعتبار ما منه فيما يسمى غيرا من وجه أو فيما لا يغايره الا من كونه ظهورا منه - إلى اخره. فالمؤثر ذات الحق من حيث الظهور بشؤونه وأحواله التي هي تعقلات التعينات، والأشياء التي هي تعينات التعقلات صور أحواله.
202 - 5 ولكون (1) التعقلات باطن التعينات والتعينات صورها: قلنا تارة: لا اثر في ظاهر الا لباطن، واخرى: هذا الشئ مؤثر في ذلك، والتحقيق ما قلنا: إن المؤثر في الكل ذاته والآثار صور أحواله، وتأثير كل شئ في شئ منه وبه وفي أحواله، وان الانسان لبرزخيته بين حضرتي الأسماء الإلهية والقوابل الكونية يؤثر في كل شئ بما فيه منه، أي يؤثر الحق بمرتبته الانسانية المحيطة في كل منها بما منه فيه أولا، وبمظهرية الانسان الجامعة