136 - 5 فان الانسان مركب من اجزاء مختلفة وحقائق متنوعة وقوى مؤتلفة، وأفضل ما فيه السر الإلهي، وهو تجلى الوجه الخاص الذي شأنه ان يظهر بحسب المتجلى له ومرتبته وقت التجلي وحاله وموطنه ونحو ذلك، فلكل منها اثر في خصوصية المظهر، لان النسب الأسمائية المؤثرة تتعين بحسبها فيؤثر في كيفية ظهوراتها، والا فالوجود الحق واحد والعلم - إذا نسب إليه من حيث هو - عينه، وليس المتعين بالإرادة غير الوجود المطلق الذي لا يتجزئ ولا يتبعض، وانما يظهر متعينا ومتخصصا بحكم العين الثابتة وفي مرتبتها، فمتى لم يغلب عليه احكام العينية ولم ينصبغ باحكام المرتبة صبغا، يختفى بسببه سر أحدية الوجود وحكمه الاطلاقي، بقى حكم الإلهي الأزلي على أصالته ولم يتجدد له غير اضافته إلى المظهر وتعينه بحسبها.
137 - 5 فهذا هو البقاء على أصل الحال الأزلي ومظهره، له التقرب التام و العبودية المحققة - إذا لم يظهر منه حكم يوهم تغير أو يحدث أمرا لم يكن ثابتا أزلا - فبمقدار قلة احكام عين الممكن في الصفات والتجليات التي تلك العين مظهرها ولو بالنسبة إلى من يدرك الامر في المتجلى، يتحقق العبودية والتقرب لتلك العين، وبعكسه يظهر ربوبيته العرضية المستلزمة لتغير المنطبع في مراة العبد بسبب حكم المجلى في المتجلى، لا مطلقا بل من حيث هو مدرك في ذلك المجلى مع بقائه من حيث الحقيقة على حالها الأزلي، فافهم هذا تعرف حكم كلي من المجلى والمتجلى الحاصل بالذات وبالعرض وسر العبودية والربوبية الذاتيتين والعرضيتين في الطرفين.
138 - 5 ومن خواص علم هذا المظهر الذي له درجة التقرب التام والعبودية المحققة معرفته بالله في حال افتراق اجزاء جسده أمورا يثبت بها شرفه وتقربه وتمكنه من تدبير اجزائه الجسمانية قبل اجتماعها وقبل تعين الروح بهذا المزاج وبحسبه على ما هو مذهب المحققين.
139 - 5 فان قلت: كيف يتصف بالعلم من لم يتعين بعد؟