فالقلم واللوح والطبيعة والهباء والمثال والجسم الكل، والله أعلم بحقيقة الحال.
143 - 5 ثم نقول: كما أن التجلي الاحدى الإلهي والامر الوجودي الرباني الذي يصير روحا انسانيا يسرى من حضرة غيب الذات إلى كل شخص إنساني بسريان الوجود المطلق والحقيقة الجامعة في كل موجود إلى اقصى دركات الجزئية ويتكيف في كل مرتبة بصبغ حكمها، كذلك الحقيقة العلمية التي هي حضرة الامكان يسرى منه إليه وينصبغ في كل مرتبة بحسبها وبحكم الامر الأصلي المودع فيها.
144 - 5 اعلم أن الروح الإنساني كما يكتسب بواسطة تعلق البدن هيئات واخلاقا ثابتة باقية معه بعد مفارقة البدن العنصري، وان لم يخل عن مظهر ونشأة يناسب العالم الذي ظهر فيه عند المحققين - خلافا لمتأخري الفلاسفة - كذلك الحقيقة العلمية الأصلية المسماة في بعض المواضع من هذا الكتاب بالسر الإلهي أيضا، وهى حضرة الامكان إذا اعتبر من حيث التعين الإرادي والتوجه الامرى صادرا من حضرة الجمع، فإنه يتكيف في كل مرتبة بحسب مقتضاها وينصبغ في كل فلك بحكم الامر الثابت الأصلي الموحى به حال ايجاده وبالحكم المتعين في ذلك الوقت الخاص والحال، فيدخل هذا العالم مكتسبا بوصف كل ما مر عليه وحكمه، مع أنه في مرتبة أوليته هيولاني الوصف لا يتعين بصفة وحكم ومرتبة، وهذا الحال من وجه يشبه الحال الكلى الذي ينتهى إليه الانسان الكامل في منتهى امره وكماله.
145 - 5 وانما قلنا من وجه، للفرق بينه وبين السر الإلهي الاحدى بالامكان وعدمه أو بالإحاطة وعدمها أو بدوام الإحاطة وعدمه كما مر، فمن كشف له عن سر هذا السر الإلهي وانه في الأصل هيولاني الوصف، عرف سر الفطرة الإلهية المذكورة في قوله عليه وآله السلام: كل مولود يولد على الفطرة... الحديث، وعرف سر تحريم بعض الأغذية وتحليل بعضها، ان ذلك لمصلحة كون الانصياع مذموما أو محمودا غير مذموم، وان للمولدات الثلاث خواص في بدن المغتذى ونفسه بحسب ما أودع فيه خالقه تعالى.
146 - 5 ثم نقول: وإذا انصبغ السر الإلهي سواء فسر بالامر الوجودي أو بالحضرة