من أحد العروجين المتوهم ظاهره بانحطاط، كما يفهم من قوله تعالى: لقد خلقنا الانسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين (4 و 5 - التين) إلى العروج الاخر التحليلي، فينشئ لنفسه لنفسه بربه نشآت اخر، أولاها من الكليات نشأة البرزخ ثم يعقبها نشأة حشرية ثم جنانية أبدية، وكل نشأة من هذه الأربعة من وجه نتيجة عن التي قبلها، كما أشار إليه قوله تعالى:
لتركبن طبقا عن طبق (19 - الانشقاق) أي حالا متولدا عن حال قبله.
151 - 5 وانما قلنا: كل نشأة من وجه نتيجة عما قبلها من أجل ان مجموع النشآت من وجه آخر نشأة واحدة كالأحوال المتعاقبة في النشأة الدنياوية، وذلك لان في مجموع النشآت أمرا ثابتا لا يتغير، هو مورد هذه التبدلات وهو حقيقة الانسان، أي كيفية تعينه في علم الله، وهى مادة لنشأته وخميره يتعاقب أطوار نشأته عليها ومظهر للوجود الحق الثابت والسر الإلهي المشار إليه، أعني التجلي النفسي الرحماني أو حقيقته الأحدية العلمية الجامعة.
152 - 5 ثم نقول في تقسيم حال الخلق في سيرهم وعروجهم بأحد الوجهين: فان السير تارة يكون بالنشآت التي يتطورون فيها، سواء كان للعارفين باحكامها وبما ينشئ الحق له وبه في العوالم من النشآت أولا، واخرى يكون في النشآت بما يحصل لهم حال ارتباطهم بتلك النشآت ارتباطا موهوبا أو مكتسبا، فالسير الأول بالانتقال من نشأة إلى أخرى والسير الثاني بالانتقال في الأحوال المتعاقبة في نشأة واحدة، فسيرهم ذلك على أقسام أربعة: منهم من قطع به دون اتمام الدائرة الوجودية لقصور استعداده، سواء سار نصف الدائرة وهو من اجره غير ممنوع ولا مقطوع، لاتصال اخر عروجه المعنوي الموهم ظاهره بالانحطاط بالعروج التحليلي الثاني لتركيب النشأة الثانية من هذه الدار وفيها، إذ النشأة البرزخية نتيجة الأحوال الدنيوية، سواء عرف المنشئ صورة الامر أو لم يعرف.
153 - 5 فالعارف المحقق إذا رزق الحضور التام كان عالما بمواطن الانتقال في