الروحية والنفسية والقلبية، لان الصور الخيالية من نفس نوع الصور المرآتية وهى المثالية - كالصور المنطبعة في الحدقة والرطوبة الجليدية - فان خيال الحيوان جدول من عالم المثال، فكل ما يحصل في الخيال بواسطة الحواس الخمس الظاهرة شعاع من أشعة الصور المثالية، فافهم ليتصور الأحوال الملكوتية من الأرواح العبقة (1) والنسائم الطيبة والألحان المطبوعة والأنكحة المرغوبة وغير ذلك.
1072 - 4 ثم نقول: والصور الكونية المختلفة التي تغمر المحل القلبي المراد صقله لا تخلو عن أربعة أقسام: ان استوعبت جميع المحل ورسخ حكمها فيه فهو الرين والحجاب المذكور في قوله تعالى: كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون... الآيات (14 و 15 - المطففين) وذلك لأهل الشرك والتكذيب - كما يدل عليه اخر الآيات وان لم يجتمع الأمران - فان حصل العموم دون الرسوخ فهو الغشاء والصدء والأكنة - كما لأهل الفسق المستولى عليهم ويخاف منه الكفر - لان الاستيعاب مظنة الرسوخ. وان لم يحصل لا الاستيعاب ولا الرسوخ كان حال صاحبه المزج بين حكم الغين والصدء وبين الصقالة. واما القسم الرابع وهو الرسوخ في بعض وجوه القلب بدون الاستيعاب فهو، حال أهل العقائد النظرية وأهل الأذواق المقيدة من ذوي الأحوال والمقامات المخصوصة، الذين لا يعرفون ما عدا ما ذاقوا ولا يتشوقون إلى غير ما هم فيه، فهم - أعني أهل الأذواق المخصوصة - بما حصل لهم من الطهارة والصقال، لا حظوا الحق وصار لهم حظ من الشهود والمعرفة، لكن لما لم تعم الطهارة كل القلب حجبهم ما بقى فيهم من الصدء عن كمال الشهود والمعرفة الصحيحة التامة، فقنعوا بما حصل لهم وظنوا ان ليس وراء ذلك مرمى، فالصدء الباقي فيهم ما بقى من الاحكام الامكانية وآثار الصور الكونية.