مصباح الأنس بين المعقول والمشهود - محمد بن حمزة الفناري - الصفحة ٥٧٨
لأحديته، لأنها تساوى اجزاء سطوحه وتوحد كثرته، إذ التساوي عدم الاختلاف الذي هو كون بعض الاجزاء السطحية ناتية (1) وبعضها منقعرة منحفرة، والصيقل بعدمه وتهيؤ المقبول باظهار حكم الأحدية، كذلك حال النفوس والأرواح التي يحاكيها الأجسام التابعة لها بحسب مرتبتها، فانطباع الصورة الكونية في القلب وذلك لانطباعها في النفوس والأرواح هو اختلافهما، كالنتو والتقعير والتشفير (2) في المرآة، فيمنع من انطباع ما يراد تجليه في القلب، وازالتها عن القلب وتفريغه عنها هو التهيؤ للإنطباع، كالصقل في الأجسام، وقصده بالتوجه والمحاذاة برابطة المناسبة الغيبية المعنوية بمنزلة المقابلة الحسية في المرآة، واختلافات تلك الصور الكونية بمنزلة الصدء، فبقدر قلة تلك الصور وقلة هموم القلب بحسبها يقوى حكم الصقالة وثمرته التي هي انطباع ما يراد تجليه 1071 - 4 اعلم أن الأحدية الحاصلة بالصقل في المرآة نورانية محضة، فلو لم يختلط بظلمانية الجسمانية الذاتية أو العارضية من خلف الزجاج الغالب جهة نوريته لم ينطبع فيها الصورة، وذلك لان محض الأحدية يستهلك فيه الكثرة اللازمة للادراك الذي هو نسبة بين المدرك والمدرك، وكذا الانطباع الذي هو نسبة بين القابل والمقبول، لكن لكون المنطبع في المرآة صورة مثالية اشترط في المرآة هذه الأحدية الحاصلة بالصقل زيادة على أحدية الصورة الجسمية الحاصلة في كثرتها الغالبة ليناسب عالم المثال في اعتدال الصفاء والقرب من الوحدة بالنسبة إلى عالم الأجسام، بخلاف انطباع الصور الجسمية في قوابلها والعرضية في الجواهر، وانما لم نمثل بالصور المرآتية الصور الخيالية، بل مثلنا بها الصور

(1) - نتو نيتو نتوا، أي: ورم فهونات - ثابتة - ط (2) - شفر شفارة: نقص وقل - التسعير - ط
(٥٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 573 574 575 576 577 578 579 580 581 582 583 ... » »»
الفهرست