371 - 3 واما العددية وهى التي تتوقف على مقابلة كثرة تعقلا ووجودا، فما أشار الشيخ قدس سره فيه أيضا بقوله: حكم الوحدة بالنسبة إلى العدد كونها من شأنها ان تعد بها (1) أو ان يظهر العدد - لا انها منه - هذا كلامه.
372 - 3 فالفرق بين الوحدة الحقيقية والأخيرتين، انها نفس الذات من كل وجه وهما بأحد الاعتبارين (2)، وانها سارية إلى كل حقيقة وتعين، لوجوب سريان الجمع الاحدى إلى كل متعين بخلافهما، لجواز (3) ان لا يعتبر النسب المندمجة، ولا (4) المقابلة بالممانعة الضدية، وانها ليس فيها ملاحظة التعدد - لا قوة ولا فعلا - بخلافهما، وانها تنافى مبدئية الكثرة وهما يصححانها، فهذه أربعة.
373 - 3 والفرق بين الأخيرين ان الوحدة النسبية تشتمل على الكثرة المعقولة بالفعل، والعددية تتوقف معقوليتها على الأمور الخارجة، وان النسبية تتعقل مع الكثرة لا في مقابلتها، والعددية في مقابلتها المتصورة من ممانعة الضدين، وان العددية هي المنقسمة إلى الوحدة الجنسية والنوعية والشخصية ونحو المشابهة والموازاة والمطابقة وغيرها من أقسام الوحدات المذكورة في علم النظر - لا الأوليان - وان تحققت الوحدة الذاتية في الكل من جهة عموم سريانها.
374 - 3 إذا تحققت هذه فنقول: الحق تعالى واحد وحدة حقيقية، ونعني بها كما مر ما لا يتعقل في مقابلة كثرة، أي لا يتوقف تحققها في نفسها ولا تصورها في العلم الصحيح المحقق على تصور ضد لها، كالكثرة في التحقق أو العلم، إذ لو توقف كانت الوحدة عددية كما هي المتصورة في الأذهان المحجوبة، فالعلم الصحيح المحقق صحته احتراز عما فيها شك، فإنه اما فاسد أو غير محقق صحته - لعدم الكشف والمعاينة - وهذه الوحدة الحقيقية تشمل غير العددية من الذاتية والوصفية والفعلية، ومعنى حقيقتها عدم توقفها على ما وراء حقيقتها مما يسمى غيرا أو ضدا، فهي منشأ كونه تعالى أحدا في ذاته واحدا في صفاته وافعاله.