389 - 3 تلخيصه: ان ذات الحق سبحانه من حيث وحدته المذكورة مطلقة مستغنية عن كافة القيود، والانسان مقيد من حيث استعداده ومرتبته وأحواله، فلا يقبل الا مقيدا مثله، لما مر مرارا ان ادراك الشئ لما ينافيه من جهة ما ينافيه لا يكون، واما من جهة الأحدية بعينه الثابتة حين الفناء الماحي للمغايرة بين المدرك والمدرك والإدراك فلا كلام فيه.
390 - 3 وتحقيق ذلك ما قاله الشيخ في التفسير: ان الذوق الصحيح التام أفاد ان مشاهدة الحق تقتضى الفناء الذي لا يبقى معه للمشاهد فضيلة يضبط بها ما أدرك، وفي التحقيق الأتم: انه متى شهد أحد الحق فإنما يشهده بما فيه من الحق، وما فيه من الحق عبارة عن تجليه الغيبي (1) الذي قبله المتجلى له بأحدية عينه الثابتة المتعينة في العلم التي تمتاز بها عن غيره من الوجه الخاص دون واسطة، فاستعد به لقبول ما يبدو له من التجليات الظاهرة فيما بعد بواسطة المظاهر الصفاتية والأسمائية.
391 - 3 وبهذا حصل الجمع بين قولهم: ما يعرف الله الا الله وقولنا: لا يمكن ادراك شئ بما ينافيه وبين دعوى العارف انه قد عرف الله معرفة ذوق وشهود. وقولهم: التجلي في الأحدية محال مع اتفاقهم على أحدية الحق ودوام التجلي لمن شاء من عباده من غير تكرار التجلي. ومن عرف سر قرب الفرائض والنوافل وما بينا في ذلك تنبه لما أو مأنا إليه، وعلى كل حال فنحن مقيدون من حيث استعدادنا ومراتبنا وأحوالنا وغير ذلك، فلا نقبل الا مقيدا مثلنا وبحسبنا، والتجليات الواردة علينا ذاتية كانت أو أسمائية وصفاتية، فلا يخلو (2) عن احكام القيود المذكورة. هذا كلامه.