تعين كما لا يتصور وراء مطلق الوجود وجود ووحدة، فينبغي ان يدوم ويكون أزليا أبديا ومنبعا لجميعها فيدل كل تعين عليه.
381 - 3 ومنها ما مر من عدم توقفها على غير ذاتها بخلاف محال سريانها وقوابلها، فان أحديتها موقوفة على منبعها الذي منه تشعبت، فعلم من كونها سارية دائمة انها (1) ثابتة ومثبتة - بكسر الباء - لا مثبتة - بفتحها - كأحدية الأغيار - كما أشار إليها الشيخ قدس سره - 382 - 3 فان قلت: المفهوم من الوحدة انها صفة للواحد بعدم الكثرة، فكيف يتصور ان تثبت لا بمقايستها؟
383 - 3 قلنا: قولنا واحد وحدة للتنزيه عن أن يعتبر معه غيره، لان الله كان ولا شئ معه والآن كما كان عليه، ولان كل مقيد ومتعدد مسبوق بالمطلق الواحد، وأيضا للتفخيم حيث يشعر بعدم العجز والاحتياج والاستعانة والمعلولية وسائر الصفات الجلالية، لا لان يدل بلفظ الوحدة على مفهومها المقيس بالكثرة - كما هو متصور في الأذهان المحجوبة - من أن المراد بوحدة الحق نفى كثرته وتعدده وبيان ان لا شريك له في الألوهية، إذ لا حاجة إليه بعد إثبات ان الحق هو الوجود المطلق، إذ لا يمكن ان يوجد مثله، اما في ذاته أو في جمعيته أو في انتساب جميع الوجودات الخاصة إليه أو في غناه من حيث هو عن كل خصوصيته أو في قيوميته بذاته، وغير ذلك من كمالاته.
384 - 3 ولغفلة الأذهان المحجوبة عن هذا الأصل تكلفوا في إثبات الوحدة العددية والزامها على غير أهل الملة بجهات يشتمل كل على مقدمات مزجاة، وهيهنا يخاف على أهل عونها ان يتوهم شوق (2) هذا المطلب العالي ان غرضهم ترويج الكاسد بالشوق المتوالى، وقد وضح فيما مر وهنا من المنهاآت الدالة على وحدته سبحانه في كل من التعينات كما قيل:
وفي كل شئ له آية * * تدل على أنه واحد