وكل موجود على التعين مظهر له أيضا، ولكن من حيث نسبة اسم خاص في مرتبة مخصوصة، والوجود مظهر لاحكام الأعيان وشرط في وصول الاحكام من بعضها إلى بعض، هذا قوله (1).
117 - 3 فالانسان الكامل مظهر له من حيث الاسم الجامع، ولذا كان له نصيب من شأن مولاه، فإذا تحقق بمظهرية الاسم الجامع، كان التروحن من بعض حقائقه اللازمة، فيظهر في صور كثيرة من غير تقيد وانحصار، فيصدق تلك الصور عليه ويتصادق (2) لاتحاد عينه، كما يتعدد (3) لاختلاف صوره، ولذا قيل في إدريس انه هو الياس المرسل إلى بعلبك، لا بمعنى ان العين خلع تلك الصورة ولبس صورة الالياسية، والا لكان قولا بالتناسخ، بل إن هوية إدريس مع كونها قائمة في آنيته وصورته في السماء الرابعة ظهرت وتعينت في انية الياس الباقي إلى الان، فيكون من حيث العين والحقيقة واحدة ومن حيث التعين الشخصي اثنين، كنحو جبرئيل وميكائيل وعزرائيل يظهرون في الان الواحد من مائة الف مكان بصور شتى كلها قائمة بهم، وكذلك أرواح الكمل وأنفسهم كالحق المتجلى بصور تجليات لا تتناهى - كذا ذكره الجندي - 118 - 3 وكما يروى عن قضيب البان - وهو أبو الفتح الموصلي - انه كان يرى في زمان واحد في مجالس متعددة مشتغلا في كل بأمر غير ما في الاخر، فمنه يتصور معنى المظهر الإلهي والصورة التي حذى الانسان الكامل عليها.
119 - 3 ولقد أحسن في كشف الغطاء لاخوان الصفاء عن مراتب مشاهدة التوحيد لاخلاء التجريد فقال: المعلول صورة العلة والعلة باطنه، لأنه ممكن فليس له الا قبول الوجود، فالظاهر في مظهر ماهية المعلول كمالات العلة على قدر قابليته، وان ظن المحجوب انها للمعلول، فكأن ماهية المعلول هي المرآة المصقولة، وليس للمرآة الا حكاية صورة المحاذى، إذ في ذاتها خالية عن جميع الصور، فاجعل جميع المرايا وما يرى فيها من الكمالات المحسوسة والمعقولة صور صفات الحق فيها، بل اجعل جميعها مرآة واحدة لتصير من أهل المشاهدة.