بيت أم المؤمنين عائشة، وقالوا: نسير إلى علي بن أبي طالب فنقاتله. فقال البعض: ليس لكم طاقة بأهل المدينة. ولكنا نسير حتى ندخل البصرة والكوفة ولطلحة بالكوفة شيعة وهوى. وللزبير بالبصرة هوى ومعونة. فاجتمع رأيهم على أن يسيروا إلى البصرة (1). وأعلنت عائشة الاتفاق فقالت: أيها الناس إن هذا حدث عظيم وأمر منكر. فانهضوا فيه إلى إخوانكم. من أهل البصرة وأنكروه.
فقد كفاكم أهل الشام ما عندهم - يعني معاوية - لعل الله عز وجل يدرك لعثمان وللمسلمين بثأرهم " (2)، ورفع بنو أمية رؤوسهم. وقام سعيد بن العاص والوليد بن عقبة وسائر بني أمية. وقدم عليهم عبد الله بن عامر من البصرة ويعلى بن أمية - وينسب إلى أمه منبه - من اليمن (3). وجاء طلحة والزبير من المدينة. وكان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قد استحلفهما أن لا يوقعا الفرقة بين المسلمين. فحلفا على ذلك وغيره. وعندما التقت بهما عائشة قالت لهما:
ما وراءكما؟ قالا: فارقنا قوما حيارى لا يعرفون حقا ولا ينكرون باطلا " (4).
وبدأ الإعداد للغزو وقال يعلى بن أمية: معي ستمائة ألف وستمائة بعير فاركبوها. وقال عبد الله بن عامر معي كذا وكذا فتجهزوا به (5). ونادى المنادي:
إن أم المؤمنين وطلحة والزبير شاخصون إلى البصرة. فمن كان يريد إعزاز الإسلام وقتال المحلين. والطلب بثأر عثمان. ولم يكن عنده مركب ولم يكن له جهاز فهذه جهازه وهذه نفقته " (6)، وكان أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في مكة وقتئذ. وانطلق القوم إلى أم المؤمنين حفصة يسألونها رأيها في الأحداث فقالت: رأيي يتبع لرأي عائشة، وأرادت حفصة الخروج. فأتاها عبد الله بن عمر وطلب منها أن تقعد. فبعثت إلى عائشة أن عبد الله حال بيني وبين الخروج